Thursday, March 01, 2018

مضاربات الإضرابات


 
مأساة المدرسة عندنا، مآسي! كنا فقط في مشكل الجيل الرابع واللغة والدين والهوية ;ما تسببت فيه محاولات إسلاخ إصلاحات لا تصلح!، لكن السلخ وصل إلى العظم، وصرنا نخشى على التعليم وعلى المدرسة برمتها. مدرسة بلا معلمين و تدريس بلا مدرسين ولا تلاميذ!
لا نريد أن "أمسح الموس" في أحد! لأن المشكلة متداخلة ومعقدة، أساسها أحادية التصور والتسيير وحوار الطرشان! وهذا ما نلمسه أيضا في إضرابات الأطباء المقيمين! الذين لم يقيمهم أحد، رغم تظاهر الوصاية بالحوار وتأسيس اللجان لتأسيس اللجان والاجتماع من أجل الاجتماع أو الظهور بصورة المحاور التي يحبذ الحوار! لكن ليس أي حوار! حوار بمعنى مونولج! أنا أتكلم وأنتم تسمعون! وأنتم تتكلمون وأنا لا أسمع!
مشكلة النقابات والعمل النقابي عندنا، بكل خلفياته ونتائجه هي النظرة الأحادية التي لا زلنا نشتغل بها وعليها! فالإيجيتيا، هي النقابة الوحيدة التي  تريد أن تتحكم في العمال وتسيرهم ضمن "المصالح العليا للبلاد"، التي تقتضي الاستقرار من جانب العمال والسكوت عن رجال الأعمال، بل ومحاباتهم إلى درجة أن الجميع، حتى داخل ليجيتيا صاروا يتساءلون: هل نحن نقابة الباطرونا، أم نقابة العمال؟ كان هذا واضحا منذ بداية اشتغال الثلاثية منذ أكثر من 10 سنوات حين عملت المنظمة العمالية العريقة (مثل جبهة التحرير العريقة) التي نسيت العراقية والعرق ودخلت في حرب عراك ضد النقابات الأخرى التي تسمى مستقلة وما هي كذلك! إنما هي مستقلة عن نقابة سيد السعيد، لكن لكل واحدة لها أجندتها وتصورها وتنظيمها. وهذا يدخل ضمن حرية التشكيل النقابي! وما رفض الجزائر زيارة ممثل منظمة العمل الدولية في الوقت الراهن، قبل ترتيب الأمور إلا عنوانا لهذا الأمر، حتى تحضر للمنظمة قائمة بمن تلتقي وبمن لا ينبغي لها أن تسمع إليهم، كونها غير شرعية كما هو الشأن مع الكناس والتنظيمات الطلابية في التعليم العالي! لسنا مع أو ضد هذه الإجراءات لأنها مسائل تخص المؤسسات والدولة، لكن أتحدث عن تمييع قضايا العمال من حيث أردنا توحيدهم تحت وصاية نقابية واحدة، فانفلتت الأمور بحكم أن نقابة "عيسات إيدير" ما عرفت واش تقدر تدير، بعد ترهل القدرة الشرائية وموجة الغلاء وبداية إفقار العمال والطبقة الوسطى، دون أن يجدوا من يتحدث باسمهم في النقابة العريقة، فلجؤوا إلى النقابات المستقلة للتهوية والتعبير بواسطتها عن متطلبات المرحلة. وهو ما يرفض حاليا تحت ذريعة الازمة المالية!
نقابة ضاربة للنح مقابل نقابات "تنبح في الصح"! فأي الضرب أصح للعامل: النح أم الصح!؟
وجدتني أنام لأجد نفسي أعيش حالة انسداد قصوى في إضرابات قطاع التعليم! الوصاية قررت فصل كل المضربين! وبما أن الزمن طال، فقد خرج التلاميذ يحتجون وتركوا الدراسة وراحوا يبحثون عن الدروس الخصوصية: قطع الراتب عن الأستاذ لم يحل المشكل، ففوجئت بفصل كل تلميذ لا يحضر المدرسة! هذا القرار أجج الوضع فأضرب من لم يضرب من التلاميذ ومن العمال والأساتذة! الانسداد! لا امتحانات! ربما بالأنترنت أو بالقرعة مثل الحج! الباك؟ الله أعلم! ربما نمنح الباك بملف طبي أو شهادة ميلاد بدون سوابق عدلية أو والله ما على بالي! ربما بالأقدمية، ربما بحسب نقط السنة السابقة ! البيام، السيزيام نفس الشيء! "باصاج دوفيس"! ما نيش عارف وين رايح يوصلنا هذا..الموصل!؟
وأفيق وقد ضربت برجلي فم وأنف زوجتي التي كانت تضرب عن التوقف عن الشخير.

منشورات الغسيل



من شدة زخم التحولات وأرق وضغط الورق والطباعة والسحب، وحتى لا أنسحب من المجال، انتابتني فكرة تغيير المهنة أو تعاطي مهنة جديدة قريبة "بعد" الشيء عن مجالي الحيوي! هذه المرة، قال لي رأسي الذي بدأ لا يفكر إلا عن طريق "باطري البطن" من جراء الغلاء و"التقرقيج" اليومي، وبدأت اشعر بأني شرعت في فقدان توازني العقلي!: لماذا لا تنشئ دار نشر؟!..أي لماذا لا تصبح ناشرا؟!..ذلك أنني كثيرا ما كانت تستهويني فكرة نشر الكتب والمجلات، لأني كنت أحب الورق! وكثيرا ما كنت أستعمل الأوراق في تفصيل طائرات وبواخر وأساطيل منها! كما كان يعجبني ما يكتب في المجلات وما تنشر من غسيل سياسي وثقافي.
لكن هذه المرة، لست أدري كيف نقلت اهتمامي من نشر الأوراق إلى نشر الغسيل! ربما لأن كثيرا من الكتب الأدبية والمجلات، خاصة تلك الرقمية منها مضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي، الغرض منها هو نشر أخبار وغسيل الناس على الناس!
قال لي رأسي: لماذا لا تستخدم الغسالة "مطبعة" ومن جيوب الصابون والجافيل فيها مخادع للحبر والتلوين ثم تطبع ما تشاء عليها باستعمال الأقمشة البيضاء والملونة!
هكذا بدأت بتطبيق الفكرة وأنا وحدي في البيت! كلهم كانوا قد خرجوا: كل وشأنه! ولم أبق إلا أنا وحدي في البيت! مما جعلني أغتنم هذه الفرصة لكي أجرب مهنة الناشر المحترف، فقد أصبح رئيس جمعية الناشرين بعد أن حاولت مرة تجريب الكتابة والانتماء لاتحاد الكتاب الجزائريين. فصرت أكتب "الحروز" التي تعلمتها من كتب الطب والحكمة أو ما تسمى "اليقشة"، والتي غالبا ما تقع ضمن أعمال السحر، بعناوين أخرى!: صرت كاتبا ومؤلفا باعتباري أكتب الحروز، بـ10 ألاف دينار وللمغتربين بـ 300 أورو! كاتب محترف!
هذه المرة، أريد تجريب مهنة النشر والتوزيع ولم لا!؟ موزع الكتب يأخذ ثلث سعر الكتاب، فلماذا لا أكون ناشرا وموزعا أيضا!
لست أدري ماذا أصابني بعدها، نسيت ما كنت أفعل وشرعت في إدخال الغسيل الوسخ في الغسالة التي حشوتها بمختلف أنواع الحبر والألوان وبعد ساعة كنت أنشر! على السلك! كل المؤلفات!: جوارب، قمصان، تنورات نسائية ألبسة داخلية، خارجية، جلابيب، عباءات..تريكويات! سراويل، عمامة جدي البيضاء (تحولت إلى لوحة سريالية!)..كل ما كان ينتظر الغسيل وكل ما كان في الدولاب مغسولا وكل ما كان ينتظر أن يلبس أو معلقا في البهو وجدت نفسها في قلب "المطبعة"!: عمامة جدي، طبعة جديدة، كتب عليها مثل" لافتة طويلة":كتاب الأغاني لأبي الفرج الإصفهاني! شورت، مكتب عليه: كتاب العبر في المبتدأ والخبر وأخبار العرب والعجم والبربر وما عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر" لأبن خلدون. عباءة زوجتي مكتوب عليه: رسالة الغفران للمعري. قميص أبيض للصلاة والترايح في رمضان وقد كتبت عليه بقلم "الفوتر" الأحمر عنوانا لم يعد مقروئا بعد أن حول القميص إلى لون وردي: رأس المال لكارل ماركس! وعناوين آخرى، لم أعد قادرا على قراءتها بعد أن تحولت هذه المنشورات إلى لوحات على الكتان والنيلون والساتين، أضيف لها لون الألبسة الصينية التي لا تبقى مع أول قطرة ماء.. وتعالى لترى بعينك المنشورات عندنا ضمن سلك الادب والثقافة كتب الجيل الرابع.
حين دخلت زوجتي ومعها "جراؤها"..ورأت المعرض المقام على الأسلاك "غير الشائكة"..شكت أني هبلت!: صرخت وصرخ أبناؤها...وراحت تبشش شعرها، فيما رحت أنا أفكر: صعب أن تكون مفكرا أو ناشرا في هذا البلد!


أوراق لعب في لعبة الأوراق




التحولات التي تحدث في المملكة العربية السعودية الشقيقة، فيها من الصداع ما قد يتحول إلى "شقيقة" مزمنة. الكل يتحدث عن مشروع ولي العهد "الطموع" والطموح في مشروع رؤية 2030، وما صاحب ذلك من قول وعمل، ومحاولة انفتاح على علمانية الغرب الأمريكي، ضمن مسعى لتقوية الأواصر بين المملكة وأمريكيا وحلفائها في المنطقة ـ إسرائيل ـ إزاء "خطر التمدد الإسلامي الإيراني الشيعي". صار هذا معروفا ضمن معادلة " عدو العدو صديق، ولو كانت إسرائيل"!.. وبدأت حملة التطبيع السرية القائمة منذ فترة مع الراعي الأكبر في المنطقة: مصر! الأمر يبدو انه لا يقف عند هذا الحد، إذ أن مشروع ولي العهد والمغامرة التي يبحث عنها للولوج في التاريخ كأول ولي عهد وملك فيما بعد، يدخل المملكة في تاريخ التحديث الغربي، لكن على الطريقة العربية. فالكل يعلم أن الحداثة، فلسفة واقتصاد وفكر وأخلاق وثقافة مجتمعية في نهاية المطاف! مستمدة كلها من نشوء وتطور الرأسمالية بعقلانيتها ولائكيتها. غير أن المملكة هل لها من هذه الميزات كلها لتعمل على الدخول في ثقافة الغرب التي عمرها الآن ثلاثة قرون؟ ينطبق هذا على باقي الدول العربية الأخرى وليس المملكة فقط،  لكن المملكة أكثر، بصفتها كانت تمثل الدولة الدينية التقليدية. مثل ما نقول الفاتيكان يتحول إلى دولة علمانية لا دخل للكنيسة في سياستها! مع أن كل شيء في الفاتيكان قائم على الكنيسة.
إلى هنا، تبقى ألأمور عادية حتى ولو كانت غير عادية، وكل ما رافق هذا من تحولات سياسية وممارسات من شأنها أن حولت الرأي المخالف إلى بدعة، وكل بدعة قديمة صارت ضلالة وكل ضلالة سارت إلى سجن ريكسون الفخم! صحيح أن الفساد كان ضاربا أطنابه في المملكة، لكن العهد، ذهب أبعد من الحرب على الفساد: غامر بحرب في اليمن وحصار قطر وتدخل في شؤون بلبنان، وأخلط أوراق السياسة والدين،لأغراض سلطوية لا غير.
آخر من بدأ، جواز الاحتفال بعيد سان فالنتان، القس الذي ترك الكنيسة لأجل امرأة! صار عيدا للحب! والحب عند الغرب معناه المجون والرذيلة. الحب بمعناه الطاهر لم يعد موجودا على الإطلاق في الغرب! صارت ذكرى القس هذا، "عيدا" لدين غريب للمجون، اعتنقه شباب الدول "الإسلامية"! الغامدي يجيز الاحتفال بعيد الحب! اين؟ في السعودية! أرشم! مع أننا في الجزائر، كانت معظم المساجد قد خصصت خطبة الجمعة الأخيرة لفضح خلفيات هذا الرجس وهذا الخزي على رأي كثير من الأئمة.
دعنا نعود إلى الانفتاح في المملكة على الغرب: إنها مغامرة أخرى، زج برجال الدين الموظفين في تحليلها وإجازتها هم نفسهم من كانوا قد حرموها سابقا! إنها لعبة الورق! أرشم!: البيلوط! التي ستصبح عما قريب "رياضة ذهنية" كما قيل، لها دورات ومنافسات وطنية في المملكة وجوائز بمليون ريال تنتهي بكأس! وهي التي كانت ممنوعة سابقا باعتبارها مدخلال للقمار ومضيعة للوقت! لا أتحدث عن قاعات السينما وعن مشروع البحر الأحمر "الترفهي" وقيادة المرأة للسيارة، التي لم يكن أحد يحلم بها!
تحولات سريعة بـ 360 درجة! وهذا كله رغبة في التماهي مع الغرب الأمريكي وحليفها في المنطقة.. المعادي لإيران!
إنه الدوران حول الذات كما يفعل الذئب حين لا يجد ما يفعل، يلعب مع ذيله محاولة منه للقبض على ذيله، وحين يعضه، يعوي، ويهرب بعيدا كأن ذئبا آخر عضه!