Friday, August 24, 2018

خرفان موالين وأرانب "موالاة"


خرفان موالين وأرانب "موالاة"

 قبل العيد، كان علي أن أزور محشر للكباش لشراء الأضحية، غير أني وجدت نفسي في مهرجان بحضور و"مكارشة" سياسية من موالين و"موالاة" وأرانب وخرفان. لم أعي أني قد شربت لترين من اللبن الحامض على الجوع، إذ أن "الصيف ضيع مني اللبن". لم أفهم هذا الحضور في زريبة معدة للعيد بجوار الباطوار. فهمت بعدها أن الأمر يتعلق بمزرعة وضبت على "عجل" (وبقرة)، للمضاربة الدينية والسياسية.
وجدت صعوبة في اقتناء الأضحية بسبب الأسعار التي انهارت قبل العيد بأيام قليلة بعد أن رفعها الوسطاء إلى السقف، غير أني في الأخير لجأت إلى آخر خروف على مقربة من باب الزريبة الجهوية..قلت: هذا مليح: من الزريبة للدريبة. مهما كان سعره، لا أريد أن أطيل المكوث في سوق المضاربة بالسكوت..
صاحب الخروف، قال لي أنه موّال ومعروف، يسكن بجوار المطبعة الجهوية للصحف. قلت له: في تصوري، المنطقة صناعية، فما علاقتها بالموالين؟ هل عندك هضاب عليا بجوار المطبعة؟ قال لي: عندي أدوار عليا. أنا أربي المواشي فقط شهر قبل العيد.. أعطيهم الشعير و"نقرسهم" مليح بالجرائد الوطنية..يموتوا على الكواغط.. ونداويهم بالإبر والسيروم..قلت له: علاه أنت فرملي وإلا طبيب؟ قال لي: أنا ولد عباس..ما عرفتنيش؟ قلت له: سامحني والله ما عرفتك..رغم أنهم يقولون وجه الخروف معععععروف..ههها..نديه عليك باش وما كان.. تستاهل..حتى أنا أفلان في اللحم والدم والشحم..قال لي: هذا الخروف يحسن لغة البشر إذا خاطبته بلغة الخشب. مثقف، وقاري..ومعرب. نشري لهم بالقنطار المرتجعات من الصحف..
فرحت بالخرف الذي دفعت فيه ثمن خروفين مثل "البهيم"..لأني لا أفقه في الموالاة.. ولا في الموالين..ولا في المال أصلا..شمتني..وأخفيت ا"لشمتة" ورحت للبيت وأنا فرح مسرور.. ورأسي مضرور وأنفي يخور مثل الثور..
ما إن وصلت حتى قال لي الخروف بلغة الخشب: أنا لا أنزل..لم آت من أجل الذبح..أنا مناضل..ومع العهدة الخامسة..أنا جئت إلى هنا..لأرى إن كان بإمكانك أن تترشح كأرنب مع بن حمو و"لاكليك". قلت له: ماذا تقول؟ أصحيح أنك تتكلم لغتنا؟ يا فرحتي؟؟ سأتباهى بك وأناطح بك كباش الأمم والجيران رغم أنك فرطاس وصغير السن والراس.. تناطحهم بالأفكار واللسان. أنا أيضا مناضل ومع كل العهدات، حتى السادسة لأني لم أجد في السوق لا ضمن الموالين ولا ضمن "الموالاة" من يستاهل أن يكون قائدا لهذه الحظيرة في هذه الأوقات الخطيرة. قال لي: أحسنت..لكن هل تترشح كأرنب؟ قلت له:..إذا بغيتو حتى كسلحفاة ما عليهش.. لكن في الحقيقة أنا أريد أن أساندكم خارج السباق. قال لي: تساندنا بترشحك وليس في الحملة. نحن لسنا بحاجة إلى حملة، مرشح الإجماع قادر على شقاه..ولا يحتاج إلى إشهار.. إنه أشهر من نار على علم..لولاه لكان الإرهاب قد ذبحكم واحدا واحدا..ولولاه لكنتم لا زلتم تركبون "الكيران نتاع صوناكوم وتجوبون الشرق إلى الغرب عبر طريق ولائي محفّر وفي سيمانة..ولولاه لما كنتم اليوم تسافرون برّة..بعد أن كنتم مثل المرضى بالطاعون تحوم حولكم شبهة الإرهاب والمرض المعدي. قلت له: كل ما تقوله صحيح مجرب..لكن دعني أفكر في مسألة "تاقناينت" هذه.. أريد أن أكون "قنينة"، سلحفاة، حلزون، حيوان زائف.. آه... زاحف، ثعبان، فقط أمهلوني بعض الوقت..
قال لي: أعطيك الوقت إلى ما قبل العيد بيوم..إما أن "تتأرنب" وإما أن نضحي بك في يوم العيد.. أو في عاشوراء.. قلت له: أيها الخروف الشهم..سأترشح حتى لا أذبح...
وأفيق وأنا أنطح.. وأنبح..
أوت 2018

مهادرة وتطبيق



مهادرة وتطبيق

لم أجد طريقة لكي أقدم بها درسا في "العلوم السياسية"، لابنتي التي تتابع الدراسة في السنة 3 ليسانس سياسية ولا تعرف في السياسة "كوعو من بوعو"، سوى كبش العيد لكي أقدم لها شروحا تطبيقية في غياب الدروس التطبيقية. أول ما بدأت أشرح لها هو "مفهوم الدولة". قلت لها: الدولة هي هذا الكبش كما تراه: البوزلوف هو نظام الحكم أو السلطة. القرون هي وسائل الدفاع والأمن. القوائم الأولى هي القوائم الانتخابية والمؤخرة هي المجالس المنتخبة. القوائم الخلفية هي وسائل النقل، ألم ترى كيف أننا نقلنا الكبش من خلال حمله من أرجله الخلفية مثل البرويطة؟ أما الهيدورة فهي الأحزاب والتنظيمات النقابية والجمعيات التي تحمي جسم الدولة وتقوم بتسخينه أثناء البرد. قالت لي: وأين هو الشعب؟ قلت لها: مازال ما وصلناش لهذه "المهادرة"، رانا عاد في الدرس التطبيقي الذي هو مقدمة "للمهادرة". قالت لي: التطبيق يأتي بعد المحاضرة..قلت له: نحن عندنا الأمر بالمقلوب، راهم يقريوكم بالعوجي..نبدأ بالتطبيق ثم نأتي لنفهم المحاضرة. المهادرة ستكون بعد ساعة من الذبح.
بعد ساعة، حضرت ومعها دفتر وورقة. قلت لها: لا داعي للدفتر ولا الورقة رايحة تفهمي بلا تسجيل. شوفي الدوراة: من هنا يدخل الأكل.. القرجومة.. اللي تجي بجوار "الرانكس فرنكس" نتاع الريّة اللي راها لهيه معلقة. الرئتان هما وسائل الإعلام والمتنفس للدولة وللمجتمع..إذا أصيب الكبش بالربو، طفرت في الدولة. الماكلة تمر من القرجومة ثم تذهب إلى ليسطوما..هنا الشعب..هذا هو مكانه: ياكل ويشرب ويتنفس ويدفع الماكلة والعلف باتجاه الأمعاء الدقيقية ثم الغليضة.. الأمعاء الدقيقة هي المسار المدرسي. 12 متر من الطول: الابتدائي، المتوسط، الثانوي الليسي، الجامعة.. حتى يتخرج منه التلميذ في شكل غبار وأسمدة..هذه نسميها "وسائل التغبير"، أي تلامذتنا بعد مسار طويل في مصران طويل، يخرجون إلى الشارع بدون مستوى. نأتي الآن إلى القلب: القلب كما ترى مدفون في القفص الرئوي: هذه النخب العلمية التقنية: أطباء مهندسون، كوادر هم الذين يضخون الدم في العروق، لكنه المخ هو من يفكر ويخطط: رجال العلم والمفكرون. تعالي الآن نشاهد مكونات البوزلوف.
أول ما ننزع من البوزلوف بعد التشويط هم القرنان.. يتحول بعدها الكبش إلى فرطاس. لا يقوى على الدفاع حتى ولو كان حيا. عادة ما نجد دودة تسكن في تجويف القرنين بعد إزالة القرنين، وهو ما يجعل الكبش عنيفا ويناطح أيا كان بشرا أم كبشا آخر هكذا تقوم الحروب ضد الشعوب. هذا اللسان، هي وسائل الإعلام والبروباغاندا الرسمية: هذه "وسائل التبعرير"..طبعا الأنف والأذنان لشم وسماع الأخبار والديبلوماسية والاستخبارات، والأضراس والأسنان لطحن المعارضة وبلعها. اللحم والشحم هم رجال الاقتصاد والشركات الكبرى والبنوك. نأتي إلى المخ الآن. نكسر الجمجمة على اثنين سنجد هناك مكان إنتاج الفكر والمعرفة والتخطيط والتنوير والذكاء والإستراتيجية. من المفروض أن يكون المخ كبيرا بحجم البوزلوف.
أخذت منشارا كهربائيا حتى لا يفسد التقطيع وقطعت الرأس من الأنف إلى مؤخرة الجمجمة فظهر نصفا المخ. قال لي: لكن المخ صغير جدا..قلت لها: نعم صغير جدا قياسا بالجمجمة.. ألم تسمع بمقولة: جثث البغال وأحلام العصافير؟. كذلك الدولة في نظمنا الكبشية: الأمخاخ تهرب وتترك في المخ فقط البصلة السيسائية التي تؤمن الحركة فقط دون فكر ولا عقل ولا حكامة.
قالت لي: خلاص أبي فهمت. قلت لها إذن: عفطي أغسلي الدوارة..
أوت 2018 

Saturday, July 14, 2018

صناديق الباك


صناديق الباك

مع اقتراب موعد إعلان نتائج الباك، كثير من التسريبات تقول بأن نسبة النجاح هذه السنة، إن لم تنجح الوصاية في تضخيم النقط، ستكون كارثية.
إحدى النقابات التي لا تستصيغها الوصاية، تقول أنها أجرت تجربة إحصائية على عينة خلال التصحيحات، وقد تأكد لها أن معدل النجاح لن يزيد عن 21.18 في المائة، والأسباب متعددة والهم واحد: الإضرابات التي عرفها القطاع لأشهر مع عدم  التمكن من إكمال إكمال البرنامج الدراسي في كثير من الأحيان، إضافة إلى قطع الانترنت.. أي منع الغش الإلكتروني. وإذا صحت هذه الافتراضات وهذه النسب، وهذا ليس بمستبعد، نظرا للمستوى القياسي الماضي في التدهور في القطاع، ليس في الباك بل في شهادة التعليم المتوسط والسيزيام، حتى أن الوزارة أخذت قرارا بمعاقبة الطاقم التربوي والإداري في المتوسطات التي لم تحصل على نسبة نجاح أعلى من 22 في المائة، من خلال منعهم من الخروج في عطلة، وعليه، قلنا، ليس بالمستبعد أن تقدم الوصاية برفع نسبة "االمشاركة في الانتخابات الباكاوية"، لكي لا نبكي على الأطلال، إذ أن الكل، يعرف أن السبب الرئيسي في هذا الفشل "الضريع" هو  تحصيل حاصل حصيلة، لمنظومة تربوية وتجربة "فرنسية مستمسخة" عندنا حصلنا فيها.. منذ 2014..
الوصاية كانت تريد أن تنهض بالقطاع ورفع نسب النجاح إلى مستوى نسبة النجاح في فرنسا التي تتجاوز 80 في المائة. غير أن هذا، كان يتطلب من الوزارة أن تفرض شروط هذه النقلة النوعية في "المدرسة الفرنسية في الجزائر"، التي لا شك أن شيطان فرنسا هو من سوّل لهم وأملى لهم بذلك، وهي شروط على أية حال موجودة في اتفاقيات إفيان المعلنة (البعض يتحدث عن بنود غير معلنة قام بها العمل لمدة 50 سنة، انتهت في 2014، وتم تجديدها من خلال الإصلاحات النورانية...الجديدة..الذي هو "الجيل النوري"..
إذا حدث وأن انتكست النتائج بما لا يساعد الوزارة على البرهنة على نجاعة الإصلاحات "التنويرية"، وفعالية البرنامج التربوي "النوري"، فإن هذا يخشى منه أن يقلب المعادلة إلى"العلم نور والجهل نورية". ذلك أن العمل على استنساخ التجربة الفرنسية الممسوخة أصلا ستفشل لا محالة فنرغب في العودة للوراء فنعجز، ونريد أن نتقدم فنبرك. آخر ما رشح من معلومات في هذا الصدد أن الوزارة بعثت لمديريات التربية بتعليمة لمعالجة انخفاض نسبة النجاح في الباك هذه السنة، مما قد يشكل أنفلوانزا سياسية موسمية، بفعل الاحتجاجات التي تخاف منها السلطة: احتجاجات الصغار الذين يخافهم الكبار. لهذا رأت الوزارة أن تعمل على حل مشكل سياسي قد يحصل بفعل قضية تربوية، كيف؟ عن طريق تعليمة تطلب فيها من المصححين احتساب بعض الأجوبة المعتبرة خاطئة بحكم السؤال الصعب، على عنها صحيحة..أي أن هناك "باريم" جديد للتنقيط: عن طريق إسقاط الأسئلة الصعبة، و أيضا اعتبار بعض الإجابات صحيحة على الرغم من أنها خاطئة أو شبه خاطئة، كون الأسئلة كانت صعبة، وهو عذر أكبر من ذنب.
هذا الإجراء، يفيد أن هناك رغبة في رفع مستوى النجاح لتجاوز غلطة قطع الانترنت. إذ كان على السلطة والوزارة أن تترك التلاميذ يغشون.. آآليز..عوض أن تحدث صندوق زكاة في كل مرة للتبرع بالنقط على كل تلميذ لم يعرف الإجابة. المهم أن ترفع النسبة، تماما كما تعودنا على نرفع نسبة المشاركة في الانتخابات عن طؤيث الاضخيم والحشو..
الله يجيب الخير..آآآ (العربي)....بلخير...
جويلية 2018

اللحم بالكوكاين


اللحم بالكوكاين

ذهبت لأشتري اللحم كونجلي عند "محمد البوشي"، الذي هو مصدر قوتي اللحمي. منذ سنوات، ومنذ أن هوت قدرتي الشرائية إلى الحضيض بفعل الضرائب والزيادات في الأسعار التي تغني خفض الأجور، لم أعد قادرا على شراء اللحم الطازج واكتفيت بالدجاج وأبنائه. أي أولاد الدجاج، الذي هو الآخر، صار سعره يقارب سعر الدجاجة الأم.
غير أن اللحم المستورد، ومنذ أن زيادة الضرائب في المستوردات، ارتفع سعره ليصبح يقارب اللحم الطازج، مع ذلك بقيت اشتري اللحم المجمد. سألت الجزار عن سبب هذا التقارب بين لحم البلد الطري واللحم المستورد من البرازيل وليس من السودان، قال لي: الضرائب زادت على لامبورطاسيون. صدقت هذه الحكاية، لكن منذ قضية الكوكاين وبيع اللحم المحجوز في المزاد وبعد أن بقي سعره هو هو، لم أفهم السر، قبل أن يقول لي شاب: ما تشريش الكانجلي..راه مخلط بالكوكاين.. عليها غلا. تعرف شحال يدير الكوكاين للغرام؟؟ أكثر من كيلو لحم فري.
عندها، دارت في رأسي دائرة الشك. قلت لمحمد البوشي: قالوا لنا أنكم تبيعون اللحم سيرجولي مخلط بالكوكاين؟ كنت أتوقع منه ضحكة أو ابتسامة كما تعود أن يفعل معي ومع الزبائن، لكنه رد علي بخشونة: علاه راك تشوف في نبيع الزطلة؟ فهمت بعدها أن هذا التساؤل لست الأول من يطرحه عليه وان معدل شراء اللحم المجمد قد انخفض إلى درجة تفوق نصف الكمية التي كان يبيعها قبل قضية الكوكاين.
لم أشتر عليه اليوم، ليس بسبب الكوكاين بل بسبب الرد القاسي ضد زبون وفي، وتركته لأشتري على البوشي المقابل له عيناني..الدجاج.
صاحب الدجاج، ولأنه منافس له يبيع اللحم الطري والدجاج الطري وبسعر معقول لأنه يملك الأغنام ويذبح بنفسه غنمه في الباطوار، قال لي: اللي سمعته من الناس صح..صاحبنا شرا من الكوطا المحجوزة لصاحبنا البوشي..ما علبلكش بللي صاحبك اللي تشري عليه هذاك، أسوسيي مع البوشي الأكبر؟..يخدموا "كيف كيف" منذ 12 سنة، ولهذا اكتسب محمد البوشي هذه السمعة وكل هؤلاء الزبائن بالآلاف..
قلت له: والله لحمه بنين رغم أنه سيرجولي، أنا آتي من بعيد وعندي بجواري أكثر من واحد يبيعون اللحم المجمد، فقط هو من يعجبني لحمه. قال لي: كل الناس يقولون هذا، لحم البرازيل الذي يستورده البوشي، بنين، تعرف علاش؟ شام الريحة نتاع الكوكاين. ما انتبهتش بللي وليت تضحك بزاف شوية؟.. وراشقتلك كللي عطاوك سنكة في الصوصيال؟ قلت له: ياه؟؟واه..سبحان الله.. والله غير وليت نضحك أكثر من اللازم هذه 10 سنين مللي راني نشري اللحم سيرجلي على محمد. قال لي: مش غير أنت اللي وليت تحب les blagues،..وزيد مش وليت تحب تفوطي، ولو كان تجبر الفوط كل سيمانة؟ قلت له: ياااه.. واااه.. سبحان الله.. كنت حاسب غير أنا ولى عند حس وطني.. نحب نفوطي بنعم..على كل ما تقوله الحكومة..حتى على رفع الأسعار ورفع الضرائب وزبر الخلصة.. قال لي: ماش غير أنت..40 في المائة أو أكثر مسهم هذا الداء..أي نسبة النسبة المئوية الرسمية للمشاركة في الانتخابات..
قلت له: بصح وعلاش؟ قال لي: الكوكاين له مفعول مزدوج: يخسّرك في مالك ويربْحك الفرح. أنت فرحان تضحك ومزهي مع روحك وأنت عريان، مقشف مشنشف ..اللي يشوف فيه يشف..وأنت قريب..تنكشف..
فهمت، كشرت عن أنيابي وقلت له: نروح نشري السيرجلي عند محمد..راني باغي نضحك مش نبكي.. ولو بالخسارة...ما نشريه الدجاج نتاعك..
جويلية 2018


رغم الداء والأعداء..


رغم الداء والأعداء..

56 سنة تمر على الاستقلال، وقد فارق كثير من صناع الصورة وجيلها الحياة، فيما نحن في نهاية الجيل الثاني من الثورة الذي سينتهي مع 2030. جيلان في جيل واحد هو من قاد الثورة وما بعد الثورة وإلى اليوم وسيبقى فيما يبدو إلى غاية نهاية الأربعين سنة الثانية لجيل الخمسينات، على اعتبار أن جيل الثورة بدأ عمليا سنة 1950: سنة بدابة التحضير للثورة من طرف شباب أكبرهم سنا كان لا يتعدى 25 سنة. هذا الجيل هو الذي سيحرر البلد من جرثومة الاستعمار وهو من سينفرد بتسيير البلاد بعد الاستقلال: صراعات بين الإخوة الفرقاء، الذين جمعهم الوطن وفرقتهم الأيديولوجيا والمصالح.
ما الذي تغير في جزائر 62؟ الكثير والكثير جدا. على المستوى الديمغرافي، لم نكن نتجاوز 10 ملايين نسمة، واليوم نحن في حدود 40 مليون، أي أن العدد تضاعف 4 مرات. قس هذا على مستويات عدة: عدد التلاميذ، الطلبة، المعلمين، الاطباء، الهياكل، المؤسسات الاقتصادية المنتجة والخدماتية، الجيش، الشرطة، الفرق الرياضية، الكتاب، الدخل القومي الفردي، العمل...إلخ. تضاعف العدد أحيانا أكثر من 200 بالمائة مع ذلك، لا نشعر بأن الاستقلال حقق للجيل الأول لفترة ما بعد الثورة، الكثير، نقصد جيل المولودين منذ بداية التسعينات )على أساس أن الجيل الأول للثورة انتهى عمليا في 1990)، ناهيك عن دفعات أخرى من الجيل الأول، من مواليد 2000، الذين صارت أعمارهم اليوم 18 سنة. هؤلاء، وأولئك الذين ولدوا بعد ذلك ويولدون اليوم وغدا، سيكون رأيهم أكثر تشاؤما منا نحن المخضرمين أو ممن عاشوا مرحلة الستينات وحتى السبعينات. الجيل الجديد اليوم لا يؤمن إلا بالأشياء العملية، لا يقارن بين الأمس واليوم، لأنه لم يعرف فترة الاستعمار وحتى الفترة الأولى من الاستقلال: كيف كنا نعيش، ماذا كنا نأكل، كيف كنا ندرس، أين كنا نتعلم أين نطلب الصحة والنقل والعمل وكيف كنا نفكر وماذا كنا نمارس ونلعب؟ لا مقارنة اليوم بالماضي عند جيل التسعينات والألفية الثانية وأكثر من ذلك، جيل ما بعد نهاية الجيل الثاني للثورة. لهذا نشعر بهذا الضجر وهذا الاحتقان في صفوف الشباب خاصة ممن لم يقارنوا بين جيلين أو أكثر، ممن لم يعرفوا التشرد وظلم الاستعمار. لهذا، لا نشعر فيهم تلك "الروح الوطنية الوهاجة" التي عرفناها في أنفسنا وفي أمثالنا ومن قبلنا أكثر. ليس لأنهم غير وطنيين، بل على العكس، لأنهم وطنيون أكثر مما نتصور، إنما هم يحبون وطنهم أن يكون أكبر وأحسن من كل الأوطان. لاحظوا موقف وسلوك الشباب الذي يمثل 70 في المائة من السكان، في الاستحقاقات الدولية في كرة القدم، كيف يتحول هذا الشاب دون 18 سنة، إلى أكبر وطني، حماسة وفوضى، وصياح وصراخ وبكاء وسب وشتم، وتظاهرا وتفاعلا وغضبا عن الخسارة أو عدم التأهل.
كرة القدم عندنا هي مقياس الوطنية عند الشباب وعند من يخوّنون الشباب ويكبرون فيهم روح الوطنية إذا لم يحتفلوا بعيد 5 جويلية ولم يرفعوا العلم ولم يرددوا النشيد الوطني. هذه الطقوس بالنسبة لهم هي طقوس رسمية لا علاقة لهم بها، لأن البلد والدولة عندهم صار هناك  شعور يسكنهم بأن البلد ليس ملكا لهم وأنها حكرا على محتكري سلطة السياسة والمال، دون غيرهم. لكن مع ذلك يشعرون أن الجزائر المستقلة..كلها لهم. والدليل على ذلك شعار يردد كرويا، لا يردده أحد غيرهم: ميزيرية وتحيا الجزائر.
5 جويلية 2018


عمرة ترمب


عمرة ترمب


البعض سيعتبر أن كلامي هذا تجني على الدين والبعض يعتبره إهانة بحق المسلمين وأركان الإسلام ومش عارف إيه..! مع ذلك، سأقول وأتحدث عما يدور في كثير من زوايا البيوت والشوارع وأماكن العمل (إن وجد عمل)..فلقد سبق لي أن ناقشت هذا الأمر مع متعلمين وبسطاء أيضا..لم يدخلوا المدرسة قط..ولا فأر! كثير منهم يجمعون على أن "العمرة" (والحج أيضا لدى البعض!) تحولت إلى تجارة دنيوية لا علاقة لها بالدين! ذهاب وإياب وعودة ورجوع وهذا العام والشهر المقبل وعمرة رمضان وعمرة المولد..مع أننا نشتكي من قلة الدينار! لهذا كثير منا يعتمرون بالتكرار الزائد عن اللزوم لحاجة في نفس الجيوب! تربح وفقط! هذا نرى من السلوكات ما يتنافى كلية مع سلوك المسلم خارج البقاع فما بالك بالبقاع المقدسة! لقد حولنا البقاع المقدسة إلى بقاع مكدسة بكل صنوف الاستيراد، حتى أن التجارة طغت على الدين! أحد البسطاء قال لي بشكل هزلي عندما سألته عن فلان أين هو؟ قال لي: "راح يدفع دين عليه إلى ترمب"! فهمت على التو ما يقصده، لأنه سبق لي أن ناقشته في الأمر، وهو الذي اعتمر مرة واحدة قبل 3 سنوات ولا ينوي اليوم إلا على الحج إن ساقها الله له في القرعة! قال لي: أتساءل اليوم عمن يؤدون العمرة في هذا الوقت هل هي حلال أم حرام! قلت له: لماذا هذا السؤال؟ العمرة عمرة اليوم وغدا وفي كل الأزمنة! قال لي: أين تذهب أموال العمرة والحج؟ لليمن! لحرب اليمن..لجيوب ترمب! إننا نجمع المال كلنا لحملة ترمب على المسلمين وإيران لصالح بني صهيون! أليس هذا حرام؟ لم أعرف ما أقول، سوى أن حاولت أن أفهمه بأن أموال الحرمين تبقى للحرمين ولا علاقة لها بتمويل خزائن ترمب ولا حرب اليمن! قلت له هذا وأنا غير متيقن مما قال! فقد أدخل علي الشك الرجل على بساطته ولست أعرف من أين جاء بهذه المعادلة! سألته عن ذلك، وهل قالها له أحد، أو سمعها من مصدر مطلع؟ قال لي: لا يحتاج المرء إلى مصدر مطلع ولا.. مطلوع!من أين جاء كل هذا المال الذي أخذه ترمب في ساعات ومازال! النفط؟ نعم ولكن لا يكفي مع الحرب في اليمن والنفقات الضخمة! البيدجي خوا.. صندوق الزكاة هو من يدفع الثمن!
ضحكت من تحليله ورحت أفكر بإمعان في ما قاله لي هذا الفلاح البسيط الذي كان يكاد يجن من موقف التطبيع! فهمت أنه يعرف أشياء كثيرة، ربما ليست كلها على حق، ولكن الرجل لم يكن "ينبح إلا في الصح"!، خاصة لما راح يقارن لي: أين أموال الخليج للفسلطينيين المحاصرين والقتلى والمدمرين والمرحلين والمهرجين والمعتقلين والممنوعين من السفر حتى إلى أقرب دولة عربية في الجوار ..مصر؟ لماذا تقتل بأموال العمرة والحج طائرات أمريكية شعبا أعزل في اليمن وتحاصرهم..أليس هذا حرام..حتى في رمضان! قلت له: الحاج..واقيلا أنت حوثي! وضحكت! رد علي: أنا حوثي! أنا الحوت مانيش ناكله بالعام! الحيتان الكبار كلاونا وكلاو السياسية في العالم! اليهود هم الحوت الكبير..والمال لا لون له..! المال يلتقي بالمال ويتصاحب معه..! مال النفط ومال اليهود وتجارتهم يتلاقى ويتعانق! من قديم الزمان ونحن نقول ذلك: الدراهم ما عندهمش الريحة!
في الواقع، حكايات عمي البكاي، مثيرة ولو كنت معدا لبرنامج تلفزيوني ، لقدمته في بلاطو التحاليل السياسية الشعبية العامة، الدولية والوطنية.
ماي 2018

جنون (رعاة) البقر


جنون (رعاة) البقر



يبدو أن العالم كله جُن! فالكائن العاقل إذا جُن جنونه بفعل مس أو "ماص" أو "ماصّةّ فوق الراس"، لا يمكنه أن يفكر بطريقة عقلانية! وهذا حال العالم "الديمقراطي" الأمريكي اليوم مع الجنون الرئاسي! إنه الكيمئائي المزدوج: الجنون والمجون! العقلاء لم يعد أحد ينصت إليهم، والمجانين صاروا كثر بسبب التهور وانحدار القيم التي كان العقل يعقلها ويربطها ويقيدها! وهذا ما يشبه كل الحالات التي كانت تسبق ظهور الأنباء والمصلحين على رأس كل ألف أو 100 سنة. العالم يتدحرج كله بفعل تهور العقل وانزلاقه نحو المجون الأعمى وجنون العظمة والبقر! ونزوة الشهوات ونزوع نحو الغلو والتكبر والكِبْر. إنه الكذب على النفس قبل الكذب على الآخرين! الكل في محيط البيت الأبيض الداخل إليه والخارج منه.. وما أكثر الاستقالات في هذا البيت منذ دخول ترمب إليه، بات يتحدث عن كيمياء الكذب! حتى تيلرسون آخر وزير مُقال، صار يتحدث عن أزمة أخلاق وكذب غير مسبوق يهدد على حد تعبيره الديمقراطية والحرية في أمريكا! الكل صار يعرف أن الكذب الرئاسي في البيت الأبيض صار مثل الأوكسجين: في الزفير وفي الشهيق! والكاذب في أخلاقيات المجتمع الأمريكي ألعن من بقية الأثافي وتأتي حتى قبل الفجور والفسوق الذي يتبجح به الرئيس ترمب علانية! فالكاذب عندهم يمكن أن يفعل كل الموبقات المتبقية وغير المتبقية. والكذب السياسي هو جرم أخلاقي مؤسس للديكتاتوريات، وهو ركيزة أساسية في عقيدة "البراغماتية" التي تجعل الغاية تبرر الوسيلة. موسولوني في "الأمير"، لم يكن يشير إلى الخجل أو التقوى أو العفة في بلوغ المآرب، إنه يعتمد على المبتغى وفقط! الهدف مهما كلف ذلك من فعل وعمل غير أخلاقي، لأن الأخلاق عند مثل هؤلاء ضعف!
في الواقع، أن الرجل ومعه كثير ممن يسجدون له في المشرق والمغرب ويسبحون بنزواته وضلالته، بحاجة إلى ترقية ليست عقارية...رقيا من عقّار! والعقّار في حكم لغتنا المحلية هو الجن المدسوس الذي يوسوس والذي يمنع ويثبط! الرجل بحاجة إلى رقيا! فلا مجال من شفائه، ولا يمكن حتى لـ 60 مليونا من الإنجيلين المسيحيين المتصهينين من ممارسة رقيا الـ "exorcisme" عليه، لإخراج المارد المتهور الماجن الذي يسكنه! الإنجيليون هم سبب جنونه وهم من يعمل لصالحهم للفور بولاية ثانية وربح الأغلبية في التجديد النصفي في الكونغرس نوفمر القادم. فلا نعول على الرقية الإنجيلية، والحل هو بلحمر، ليخرج الجن الأزرق من هذا الأزعر.
نمت لأجد نفسي أرقي رجلا به مس، والجن يتكلم الانجليزية رغم أن الشيخ لا يعرف حتى العربية! قبائلي قح!: رحت أضربه والجن الأمريكي يصرخ ويتوعد إيران وكوريا. قلت له: اليوم أنا ننوّض فيك الكوريّة! ورحت أكويه في كل جزء من جسده: في الرأس، في المسلان، في البطن، وأنا أقول: اليوم ندير فيك التّير كما درت التّير في العرب وسرقت وابتززت الملايير من الخليج.. اليوم نخمج لك المخ والعقل، ومن بعد نلتهى بالنتن ياهو صاحبك وباقي عائلتك الفضيلة في الرذيلة..! راح الرجل يتحدث بالأمريكية ويغرد..خارج السرب! هو يغرد، وأنا أغْرذْ (أضرب) حتى بدأ يتكلم بالقبائلية! عندها فهمت أن الجن قد ولى مدبرا ولم يعقب! عرفت ذلك لما صاح: I’m leaving! قل له: أخرج منها مذؤوما مدحورا وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين.
عندما أفقت وجدت نفسي لم أكمل قراءة خبر مقتل امرأة على يد راقي المتهم فيها جن أمريكي.
ماي 2018

أكل لحم السفير!


أكل لحم السفير!


نعيش كل يوم على وقع أكل لحوم الإخوة وهم أحياء! بدون علم وبعلم وافتعالا قصد علم الآخرين ما يجب أن يعلموه! كلام في الأعراض وفي الأخلاق بلا أخلاق ولا حشمة ولا وقار! هذا في الوقت الذي يتبجح فيه كثير من السفهاء بالفحش والمنكر دون أن ينكر عليهم أحد ذلك! وخاصة من الناس الذين كنا نتوقع منهم أن يهبوا للنهي عن الفحشاء والأمر بالمعروف! لكن يبدو أن عهد ترمب ومغامراته النسوية المخملية ومع "متعودات" سيئات السمعة في روسيا وفي أمريكيا، وما أدراك ماذا يحفل به محفل البيض الابيض عندما يسود وجه قريبا!
نسينا ما يحدث في فلسطين من تهديم لكل ما بني وما لم يبنى في المشروع القومي العربي والإسلامي وفي المشروع الشرعي في فلسطين والقدس، ورحنا نأكل لحم بعضنا بعضا ونقدم فتاته على موائد الكبار في أمريكا والغرب! مؤسف أن ينتهي المطاف بأمة كانت ستكون "خير أمة أخرجت للناس..! لكن بماذا؟ .."تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر"! هذا شرط إلهي لنكون خير أمة أخرجت للناس، وإلا فسنكون كما كان بنو إسرائيل: نعتقد أننا "شعب الله المختار"..رغم كل ما نفعله من فسوق وفجور وعصيان! ليس غريبا أن نأكل لحوم بعضنا بعضا في القضية الفلسطينية والخليجية وفي الصراع بين المذاهب الدينية وبين الجيران، الذين أوصى بهم جبريل نبينا الكريم..حتى كان النبي يعتقد أنه سيورثه! نميمة المغرب على الجارة الشرقية، ثم محاولة الزج بقطر في المعادلة، كله يوحي بأن هناك من يوسوس بين الإخوة الأشقاء ليتحولا إلى أعداء غير قابلين للتفاهم ولا في ملف واحد يمكن أن يتوحدوا فيها وهو القدس وفلسطين! بؤس العقلية التي تجعل الأخ يأكل لحم أخيه حيا قبل أن يموت!
ليس هذا فحسب، هناك متاجرة بالجثث! هناك بيع وشراء للذمم وهو أنكر من أكل اللحم البشري! متاجرة وأكل معنوي يتبعه عمل عملي! ولنقرأ عن أكلة لحوم البشر في العالم: في إفريقيا وفي آسيا وفي دولنا العربية وفي الخليج بالخصوص!
لقد ذهلنا قبل نحو 30 سنة لما أتهم بوكاسا وحوكم واعتقل بجرم سياسي لكن بجرم أخلاقي أيضا: أكله للحم البشر من الأطفال! القضية أثارت سخط العالم وقتها والذي لم يكن الإعلام فيها كحاله اليوم، وإلا لضجة الكرة الأرضية بخبر بوكاسا آكل لحوم الأطفال! الرجل فيما يبدو لا يزال حيا ويعيش في فرنسا في بيت صغير بخمسين أورو في الشهر!
كما أنه من أغرب ما سمعته قبل نحو 30 سنة من أخبار قليلا ما نسمعها، والذمة على من رواها لنا، وكان راويها صديق وأستاذ جامعي كان وزيرا للإعلام في بلد عربي قال لنا (مع حفظ أسماء الاشخاص والبلدان) أن دولة أوروبية غنية، فقدت سفيرها في دولة إفريقية في الستينيات! وبعد البحث عنه، اكتشفوا أنه قد تم أكله من طرف آكلة لحوم البشر!! حدثت وقتها أزمة بين البلدين وأغرم البلد الإفريقي الفقير يومئذ (وإلى اليوم) على دفع فدية كبيرة، تفوق ميزانيتها القومية!، فلم تتمكن الدولة من حل الخلاف عن طريق دفع الفدية! فما كان على الدولة الإفريقية إلا أن أرسلت تلغراف عبر خارجيتها للخارجية الدولة الأوربية تقول فيه ما يلي: كولوا سفيرنا عندكم!
يبدو أن العلاقات بين الجدول العربية، على مستوى ديبلوماسي عالي السوء، وأخشى أن نبقى نتبادل أكل لحوم السفراء!
ماي 2018


..ويل للمطففين..


..ويل للمطففين..

عودة للتزوير! فلقد صار التزوير اليوم شبه موضة ومهنة يكاد أن يطالب أن بالاعتراف به قانونيا! فلقد صار التزوير صار ممارسة شبه عادية في كل شيء! في المحررات والوثائق والسجلات، وفي الفواتير والتصريحات بالمداخل وبأرقام الأعمال، وفي تهريب العملة الصعبة.. وفي البناء وفي تشييد وحفر الطرقات وألأوطوروت! وامتد هذا الأخطبوط ليمتد إلى غاية تزوير العملة..وبأعداد نخشى أن تكون كثيرة قد تزيد في نسبة التضخم المتضخمة أصلا.
أتكر أنه بعد الاستقلال مباشرة، كنا لازلنا نتعامل بالأوراق النقدية من مخلفات الاستعمار التي كانت تحمل اسم "La banque d’Algérie" من فئة 100NF..! أي 100 فرنك جديد وغيرها من العملات الورقية! الورقة النقدية في العهد الفرنسي الأول، كانوا يكتبون عليها في الأعلي ما يلي:"بسم الله الرحمن الرحيم، ويل للمطففين"! ثم في الأسفل، كانت تكتب في عهد متأخر نسبيا بعد تغيير القوانين ما يلي، وباللغة العربية وبخط يد فني جميل: "على المزورين العقاب بالأشغال الشاقة طول العمر". بعد الاستقلال (65 ـ67)، شرعنا في تغيير عملتنا الوطنية وأتذكر ورقة 50 دينار و100 دينار، وكانت مثل سابقاتها مثل السجادة، لكنها جميلة فنيا. لكن كتب تحتها بالفرنسية والعربية: "القانون يعاقب المزورين". وقد وقعها مدير البنك المركزي وقتئذ السيد بلغولة. اليوم: الأوراق النقدية مكتوب عليها: "المادة 157 من قانون العقوبات تعاقب المزورين". مع هذا، لم يرتدع المزورون، ربما لأنهم يقرؤون القانون ويعرفونه أكثر مما يعرفه رجال القانون! ويستسهلون الأمر: فبعد الاستقلال، لم نكن نشير حتى للمادة التي يعاقب بموجبها المزور، لأننا ربما لم نكن بعد قد جهزنا أنفسنا لمنظومة قانونية في هذا المجال واكتفينا بإرث المنظومة السابقة لكن لم نفعّلها! لأنه كان علينا أن نفعّل القانون الاستعماري: الأشغال الشاقة المؤبدة! وليس الحبس والسجن ثم يطلق السراح والله يسهل..!
نمت على هذا التساؤل لأجد نفسي أنا هو مدير البنك صانطرال الجديد وقد بدأت من أشهر طبع الملايير من الأوراق.
قمت أولا بإحصاء عدد الأوراق المزورة المضبوطة، فوجدت أنها تفوق ما طبعناه إلى حد الآن! لم أفهم: لهذا السبب التضخم وصل إلى هذا المستوى؟ قيل لي بعدها: هذو غير اللي مسكوهم، أما الأوراق التي تدور في السوق السوداء ولم تبيّض ولم تدخل سوق التداول البنكي، فلا أحد يعرف! الشكارة راها دايرة ظل، ولا نعرف بعد كمية النقود المطبوعة بطريقة غير شريعة. قلت لهم: شوفونا هذا الناس، بالاك يقدروا يعاونونا، رانا عيينا نطبعوا وما قدرناش! الخدامين والآلات راها غير تجبذ والله غالب يالطالب! يخصنا بزاااف! ثم أننا ننوي سحب من التداول بعض الأوراق التالفة والقديمة التي أكل عليها الحوت وشرب، ويخصنا مختصين محترفين في هذا المجال لكي لا نستورد آلات وتقنيات وتقنيني أجانب: زيتنا في بيتنا! قالوا لي: أنهم يرفضون العمل مع القطاع العام على أساس قاعدة الشراكة المعروفة، بل إنهم يطلبون أن يتخصصوا في طبع العملات الأجنبية، مادام أننا نحتاج للعملة الصعبة وليس للعملة الوطنية ثم نبيع العملة الأجنبية في السكوير بـ 200 مرة وزيادة..ونقضيوا على الأزمة ونحرر الدينار بناء على توصيات الأفمي!
فكرت في المسألة جديا، وأنا أدرس هذا العرض بالطول! ولمَ لا نطبع العملة الصعبة؟ علاه صعبة على خاطر الدينار ساهل! ما صعيبة والو..
وأفيق وأنا في عرس على ضوء فلاش هاتف وبنتي تصورني وأنا في وضعية النائم: آآآه... شكون راه..يزوّر؟؟؟
مارس 2018

عيد الانتصار في انتظار..

عيد الانتصار في انتظار..

56 سنة تمر على اليوم الذين كان الناس فيه يوعدون، من طرف جبهة التحرير وجيش التحرير الوطني، أن يوم النصر آت وأن الثورة قد أتت أكلها بعد حين وأن الحرب إلى زوال!
اليوم 18 مارس، هو يوم توقيع اتفاقيات إيفيان من أجل وقف إطلاق النار في كامل التراب الجزائري، ابتداء من 19 مارس على الساعة 12 ظهرا. كان ذلك سنة 1962. واليوم تمر، ذكرى انتصار الثورة والشعب بعد حرب دامية همجية لازلنا إلى اليوم نكتوي بنارها، وبعد 132 سنة من استعمار الأرض والعرض والإنسان.
خرج الاحتلال كما دخل، تاركا وراءه دمارا وخرابا اقتصاديا مريعا حتى لا تقوم للدولة الفتية قائمة إلا على أسس اتفاقيات كان يراد منها تحجيم التنمية وإبقائها ضمن فلسفة الاستعمار الجديدة! وكان على الدولة الوطنية أن تعرف كيف تسير المرحلة الحرجة بعد الاستقلال وأن تخرج منتصرة رغم الهزات والصراعات الداخلي وبين الإخوة الاعداء والفرقاء السياسيين.
واليوم، بعد كل هذا العمر: 56 سنة، تمر وقد حدثت تحولات عميقة في بنية الدولة المستقلة: سياسيا وعسكريا واقتصاديا وعلميا وثقافيا، إلا أن الأمل والطموح في نفوس من عاشوا الثورة ومن ولدوا بعدها، سيكون بالتأكيد منقوصا، لأن الحلم عادة ما يكون أكبر من الواقع. نحو ستون سنة خلت، والبلد مقبل على منعطف جديد لم نعرفه من قبل! منعطف قد يعصف بنا وقد نطوعه لصالح تنمية مستدامة جديدة بعيدة عن السياسية النفطية التي وإن أفادت الاقتصاد الوطني، إلا أنها من جهة أخرى قتلت روح العمل والمبادرة وولدت الاتكال والفساد وسوء التسيير بسبب وفرة المال السهل! قتل العمل وحضر المال السهل! واليوم، بعد أزمة النفط فقط، نتفطن إلى أن النفط قد يكون داعما للتنمية ولكن قد يكون أيضا مهدما لقوة العمل، خاصة في بلد يعتمد على الأحادية الفكرية والشمولية السياسية التي كثيرا ما كانت وراء فشلنا التنموي.
واليوم، نعيد النظر في كل شيء، عسى أن يكون لبعد النظر هذا مخرج لضيق اقتصادي أحادي الجانب.
نمت على هذه المناسبة، لأجد نفسي جدا في الثمانين وقد أحاط بي أحفادي وأبنائي الذين صاروا آباء وأمهات ورحت أحدثهم عن ماضي المنسي: أبوكم، قلت لهم، لما كان في عمره 14، كان يرعى الخنازير عند مسيو جابو! أبوه الذي هو جدكم الكبير، كان خماسا عند "فيليمون" بعدما أرغم أبي وجدي على بيع أراضيه لليهودي "شلومو" والصبنيولي "غونزاليز". عائلتنا كانت تملك أراضي شاسعة بمئات الهكتارات، دفعنا دفعا عن طريق الضرائب من "بتانتي" وبروصيات على الأراضي والبهائم التي كنا ندفعها نقدا إلى بيع كل ما كنا نملك من بهائم وانتهت ببيع الأراضي التي كانت أرض عرش، لا تقسم ولا تباع لغير العرش والعائلة، أرغمنا على بيعها ملكية فردية صار جدكم فيها عاملا خماسا! يخدم شهر لأجل 5 دورو! الثورة الزراعية بعد الاستقلال زادت أخذت هذه الأراضي، الحمد لله استرجعنا جزء منها نستغله اليوم، وإلا لكنتم اليوم في الميزيرية الكحلة. احمدوا الله على نعمة الاستقلال وحبوا بلادكم وخدموا أرضكم ربي يوفقكم. ما تفكروا لا في حقرة ولا في حرقة..خلوا الإيمان في قلبوكم. هذا البلاد نتاعكم أنتم وحادكم، أما نحن، الله يسهل كمل الكريدي نتاعنا، باقي "كالك زينيني" رانا "نبيبيو" بهم! وجا وقتكم تهلاو في روحكم..


وأفيق وأنا أشخر..حسبت روحي مت وأنا أردد: فاشهدوا..فاشهدوا..
مارس 2018

القانون يعاقب "المصورين"

القانون يعاقب "المصورين"

 
التحولات العميقة والسريعة والمريعة أحيانا، أنتجت سلوكيات جديدة قديمة على مستوى حياة الناس ومستويات استهلاكهم وتبضعهم وتسلعهم. لكن ما حدث أيضا أن التفرد والانفراد بإنتاج المال لدى أقلية لم تكن تملك شيئا، وصارت تملك كل الأشياء، دفع بعض الفئات الأدنى والمهمشة والهشة، إلى سلوك طريق آخر في تحصيل المال والثروة، ليس بالجمع التراكمي للمال من خلال الاستيراد وقليلا من التصدير، بل لجأت بعض هذه الفئات إلى تشكيل عصابات إجرامية، بغرض الثراء بدون عمل: إما عن طريق النهب والسرقات وتحويل الأصول، وإما عن طريق التصوير وتزوير خاصة مع تنامي الوسائل التكنولوجية وتقنية طبع وسحب الأوراق النقدية، كيفما كانت هذه العملات ّصعبة " أو سهلة! وعناوين ذلك ما نسمعه ونقرأه يوميا من توقيف عصابات تقوم بتزوير الأختام والوثائق والأوراق النقدية! كل هذا الغرض منه الربح السريع الكثير والسهل! وهذه على أية حال علة من علل الدول النفطية التي همش فيها النفط رأس المال الفكري واليدوي وقيمة العمل، لأن المال السهل، يدفع إلى ممارسات السهولة حتى في جمع المال. وبما أن الحكومة تطبع هي الأخرى الفلوس، فلماذا لا يكون ذلك مسموحا به "للقطاع الخاص"؟ هكذا قد يفكر هؤلاء المصورون المزورون الذي ينهبون الاقتصاد الوطني ويخربونه على ما به من علل.نمت لأجد نفسي أمام قاض وقد مثلت أمامه مع رفاق لي قيل عنهم أنهم عصابة وأنا زعيمهم، مع أني لم أفعل شيئا!. قال لي القاضي: وأنت علاش جابوك؟ قلت له: سيدي القاضي، جاؤوا بي بتهمة الغيرة، وليس حتى الحسد! وهل الغيرة تهمة يعاقب عليها القانون؟ قال لي: وأية غيرة تتحدث عنها! قلت له: غيرة التقليد الجيد والمهني في طبع النقود! غاروا مني لأني أعرف كيف أطبع النقود بكميات كبيرة وفي ظرف قياسي وبنوعية عالية الجودة وهذا في العملات الصعبة والعملة الوطنية أيضا. قال لي: آآه.. تقلد؟ شادي؟ قرد؟ تصور؟ تطبع؟ تزور؟ قلت له: أن أساعد بلدي وحكومتي! سمعت بأنهم محتاجين لطباعة كثر من 20 مليار دولار، وأنا مستعد أن أدخل مع البنك المركزي في شراكة على أساس قاعدة 51/49. أنا آخذ 51 والدولة تأخذ نسبة 49! السيادة في بيتنا، زيتنا في بيتنا! أحنا كلنا أولاد البلاد ودراهمنا في جيوبنا! قال لي: بركاك من الفهامة العوجة والتفلسف، تاع يماك العورة اللي ساكنة في الدورة. شكون هذا العصابة اللي معك؟ الجنسيات نتاعهم؟ قلت له: هؤلاء هم الفريق التقني والخبراء من إفريقيا وبعضهم جزائريين، هم المكلفون بالعملية التقنية والديزاين والاستيراد الورق والحبر والألوان وآلات النسخ والسكانير والطبع طبعا. سيدي القاضي، نحن نقوم بعمل جليل: طبع الأوراق النقدية لتجاوز أزمة النفط والسيولة. الناس غاروا مني وجبرني نطبع فلوس خير من اللي يطبعها البنك المركزي! ثم آخرجت له بعض من الأوراق المطبوعة: شوف سيدي القاضي: من خير هذا الـvinght ميل الراشية وإلا هذه الجديدة؟ علاش ما بدلوش هذه الأوراق اللي فات عليها 30 و 40 سنة؟ جيل بكامله! يعقلوا على حرب داحس والغبراء! راك تشوف الغبرة وريجة الحوت فيها؟ وهذه ورقة الخمسين، شوف كي مبششة تقول كلاوها القطوطة؟ كاتبين فيها بالستيلو، واحد مسنيي فيها، تحسب هو محافظ البنك! وعلاش أنا ما نعاونش بلادي في الطباعة ونسني في بلاصتهم؟
واستيقظ على صوت ابنتي: هاك بدلي هذا الورقة ما بغا مول الحوت يديها!


مارس 2018

ممارسات 8 مارس


ممارسات 8 مارس
المناسبات الدولية صارت عندنا "أعيادا"، يحتفى بها بغير الهدف الذي أسست لأجله هذه المناسبة! والسبب هو التقليد بدون فهم ولا بحث في أصول الأشياء. 8 مارس على سبيل المثال، صار هذا اليوم كغيره من المناسبات الدولية وحتى الوطنية والدينية، عنوانا للاستهلاك! إن لم يكن في الأكل واللبس، ففي المظاهر والاحتفالات وتجارة الورود والهدايا! مناسبة حق أريد بها باطل! فالنساء اللواتي رفعن شعار الخبز مع الورد في بداية القرن 20، وقبل في 1856، إثر خروج النساء العاملات في أمريكا للتنديد بالاستغلال الذي كان يمارس ضدهن أرباب العمل مع أجرة زهيدة تعادل أجور الأطفال الذين كان مسموح لهم الاشتغال رغم أنهم قصر! المرأة كانت مضطهدة ولا تزال، و لو أن الاضطهاد صار ألعن، لما دخلت المرأة سوق العمل كبضاعة بعد أن أجبرن على الخروج من بيوتهن وترك تربية أبنائهن! إنها المأساة: أن تحرر المرأة ويطلب منها أن تعمل لسبب بسيط أنها يد عاملة رخيصة وبضاعة وسلعة تعرض! هي أرذل ما يمس من قيمة المرأة المكرمة المحترمة المصونة! نساء اليوم وعاملات اليوم، لا زلن لم ينلن حقوقهن، كما أن الذكور لا يزالون يبحثون عن عدالة اجتماعية! لكن المرأة في مجتمعاتنا تعاني الأمرين! لهذا، فمناسبة 8 مارس للمرأة العاملة، إنما هي مناسبة خصصت منذ أول مؤتمر لهم في 1945 بباريس، بغرض المطالبة بالحقوق والمساواة مع الرجل: ليس في الصفات كما صار الحال رغم أنه من المحال، بل في الحقوق والواجبات أيضا!
واجب الحفاظ وتربية الأطفال! الحماية من التحرش، الحق في الكرامة وفي التحرر من عبودية الذكر لها واستغلال الجسد كسلعة والتي يراد لها من طرف الذكور أساسا أن تكون!
نمت على وقع المناسبة قبل بضعة أيام لأجد نفسي أمام زوجتي وهي ترمي لي المنشفة وتترك لي الكوزينة والبيت و4 بنات و3 أبناء في كفالتي، لأنه هذا اليوم هو عيدها! قالت لي: طيب للأولاد ولنفسك! أنا مدعوة لحفل في قاعة الحفلات والأكل خالص من عند الرجال! مش كيفك عمرك ما عرضتني للعشاء في رسطوران!
قلت لها: وعلا شراكي رايحة من الصباح؟ ياك عاطينكم غير نصف النهار السفلي! هذا كل ما ولات المرأة تسواه؟ غير النصف السفلي من يوم واحد في السنة؟! قالت لي: الصباح نحوسوا والعشية نرقصوا!
ضربت أخماسا في أسداس وقلت لأبنائي: راها عندكم الليبيرتي! كل واحد يدير واش حب! وتعالى ياحبيبي تشوف الدار كي ولات في المساء!: الفراش، المواعين، الماكلة، في كل مكان. الوسخ في الحيطان، في الزجاج على الأبواب! الماء يسيل، المرحاض فايض!
كل واحد فعل ما بدا له وأكل ما وجد! أنا لم أخرب في شيء! هذا ياكل سنادويتش عدس بالخبز، هذا طاطم القوطي في الكسرة! هذا يشرب قهوة بالحليب بالقاطو نتاع شهر! هذا يخلط، هذه ترون! هذا بيض مفقوس هذه قشور بطاطا في الأرض، هذا سكر مزلع هذا حليب مدفق! الفارينة في الأرض تحسب طاح الثلج في بيتنا!
لما عادت زوجتي في المساء متعبة،  من الرقص! مبهرجة، مزوقة، ميطاليزي، وجدت دار لقمان..في خبر كان! يا حسراه النظام والتنظيم، يا حسراه النظافة! هذا ولالها هنا! طاحت عند الباب مغاشية، وما زلت إلى اليوم في الفراش! ودار لقمان حال حالها! ها.. باش تزكري في، حتى أنا نعرف كيفاش نزكر فيك! الرجال قوامون!
وأفيق وأنت قاعد!
8 مارس 2018

تاخير الزمان!


تاخير الزمان!



التحولات السريعة والمفاجئة، التي عشناها خلال 15 سنة الأخيرة، غيرت كثيرا من عادات وسلوك المواطن في كل المجالات. واليوم، مع التقشف، لم نعد نفهم ماذا نفعل وكيف نرشد استهلاكنا  وطبائعنا، بل أننا صرنا نحن إلى الماضي البعيد قبل القريب رغم أننا كثيرا ما نا ننتقده. كما يبدو لنا أن الناس تغيروا فيما نحن لم نتغير!
وجدت نفسي جوار صديق كهل يقول لي: سمعت يا شيخ؟ حتى حاجة ما بقات كما زمان! تعقل بكري؟. المراية كنا نشروها بعشرين دورو! بصح كانت مراية! يبان فيها وجهك مليح وشباب! اليوم المرايات هذوا نتاع "لامبورطاسيون"، كي تشوف فيهم، تحسب راك تشوف في وجه واحد آخر كبير عليك! بنادم ما يبانش مليح! يبان وجهك مكمّش، مشوط، تحسب بوزلوف! قلت له: عندك الصح يا الحاج! كل حاجة تغيرت في هذا الزمان! اليبرة، كانت بكري تجي فيها العين كبيرة قد هاااك! اليوم تدور على العين، ساعة ما تجبرهاش! الخيط ولاو يديروه كبييير! ما يبغيش يدخل! رد علي: أنا يبان لي عاد، ليباري ما ولاوش قاع يديوا فيهم الثقابي! أنا نجي نخيط مرّات، ساعة وأنا ندور على عين الإبرة ما نجبرهاش! نبطل! قلت له: هذا هو تاخير الزمان، ولينا نقولوا لأولادنا جيبونا ذيك الحاجة، ما يجبروهاش! ينساو وين داروها! يعياو ما يحوسوا وما يجبروهاش، نعياو نستناو يجبروها وكي ما يجبروهاش، نسمحوا.
يرد علي: زيد بالزيادة، أولاد هذا اليوم ما يهدروش بالسمع! تشوف غير الفيمان تتحرك والشنايف تبوجي وما تعرفش واش راهم يهدروا وإلا راهم يتمتموا! فأرد عليه: هيئ هئ! قالك أحنا ماراناش نسمعوا مليح! شوف على جواب نتاع هذا الجيل كي داير! أحنا ما نسمعوش؟! ولينا طورش! هكذا! شحال من مرة قلت لأولادي روحوا داويو عن الطبيب نتاع الحلق راكم ما تسمعوش بزاف، ضحكوا وخلاوني نهدري وراحوا.
يرد زميلي الشيخ قدور البومباردي كما نسميه: وحتى الطّبّة، ما ولاوش طبّة، اللي تمشي عنده يقول لك راك مريض. تقول له مارانيش مريض، يكذبك! هو يعرفك خير ما تعرف روحك!. توللي بالسيف عليك تداوي حتى يحصل فيك المرض الله يعفو!.
قلت له: الميزان، بكري كان بنادم كي يوزن روحه يقولك لك الصح، ما يكذبش عليك! النية كانت حتى في الجماد: تنزل يقول لك 60 كيلو! اليوم، أنت عاد ما نزلتش من فوق الميزان نتاع الطبيب ـ وهو يكتب لك 120 كيلو! علاه هذا الزيادة؟ علاش الكذب؟ ماشي حرام؟.. كلش زادوا فيه؟..لا حول ولا قوة إلا بالله!.
يرد علي: بكري! الطرقان حتى ولو كانت غير تراب، بصح كانت مليحة وفيها البركة! ما تعياش بالمشي ولا بالوقاف! اليوم نبقى واقف غير شوية فوق الطروطوار أو في صالة أو في بيرو.،إذا قعدت، ما تنوضش! الكارلاج واعر والقودرون ما شي مليح! يعيي الإنسان فيه! فأرد عليه: نعقل بكري كانوا يبنوا ديار عاليين بزاف، كنا صغار في سن الخمس سنين، واليوم كي وليت لبلادي والديار نتاع بكري، جبرت باللي الديار اللي كانوا كبار، ولاو صغار! حناوْ! كانوا عاليين كي كنا نلعبوا تحتهم ونتخباو وراهم، اليوم كي رجعت هذه عام لبلادي: جبرت الحيطان صغاروا، ولاو يجوني عن الكتف! سبحان الله! الحيطان صغاروا وحنا يقولوا يقولوا علينا كبرتوا!
 لا حول ولا قوة إلا بالله! شفت الناس والدنيا شحال تبدلت.؟ (إلا... نحن..!!).
مارس 2018


الترك أحسن


الترك أحسن

الزيارة التي قام بها أردوغان للجزائر ومنها إلى ثلاث دول إفريقية أخرى(موريتانيا، مالي والسنغال)، سيكون لها بالتأكيد انعكاس ايجابي على جهود التمنية في الجزائر والقارة السمراء، التي تعمل كل دول شمال إفريقيا على الانفتاح تجاهها، خاصة الجزائر، المغرب ومصر. تركياـ اختارت البوابة الغربية الجنوبية، للولوج لقلب إفريقيا، التي يكون الرئيس التركي قد زار 32 دولة بها.
تركيا تبحث عن مصالحا بالتأكيد، والجزائر، تبحث هي الأخرى عن مصالحها، لكن أين تلتقي المصالح وأين تفترق؟
المصالح الاقتصادية والتجارية والثقافية، بين البلدين تتجاوز الخلافات الهامشية في بعض المواقف خاصة موقف الجزائر من التدخل التركي في سوريا،  وموقفها من "الربيع العربي" المنبوذ عندنا، كون الجزائر حريصة على عدم التدخل في شؤون وسيادة الدول والأنظمة القائمة مهما كانت طبيعة هذه الأنظمة. لكن لتركيا مصالحها وحدودها تعنيها هي نفسها كما تعنينا نجن مصالحنا أمور أمننا الداخلي وعلى الحدود. لهذا فالعلاقات الاقتصادية والمصالح بين البلدين أقوى من أية اختلافات وجهات نظر من ملف لآخر.
علاقتنا مع تركيا، سيكون لها وقع مهم ونتائج عاجلة لطبيعة التفاهمات والخلفيات السياسية المطابقة وخاصة عامل الثقة. تركيا بلد ينمو اقتصادها بسرعة كبيرة، والجزائر بحاجة إلى النموذج التركي في التنمية: الحداثة مع الأصالة. كما أن مصنعاتها قد تغنينا عن منتجات مستوردة من أوروبا بأوصاف أوربية، هذا بدون ذكر تجارب رأسمال المشترك وفق القاعدة 49/51، التي لم تبد تركيا تحفظا عليها كما تفعل الشركات الأجنبية الأوربية وخاصة الفرنسية منها! فرنسا ليست مرتاحة بطبيعة الحال لهذا التحرك التنافسي في الجزائر وفي القارة الإفريقية.
نمت على وقائع الزيارة، لأجد نفسي أعود للتاريخ القديم أيام استنجاد الجزائر بتركيا ضد الحملة الصليبية! قلت لوزير التجارة: لابد أن يعود البحر الأبيض المتوسط لنا! الإسبان والأمريكان والفرنجة، يقوضون تجارتنا البحرية ويتهموننا بالقرصنة. كل من يدافع عن مصالح بلاده، صار قرصانا أو أو راعيا للإرهاب! علينا أولا أن نحمي حدودنا من الهجمات الصليبية، ثم علينا أن نمنع مغامرينا من الحرقة باتجاه الأندلس! طارق بن زيادة، حرق السفن وخلاص! بركات من "الحرقة" و"الحقرة" أيضا! فلولا هذه الأخيرة ما كنت الأولى! خير الدين كان ينوي أن يطلب المزيد من الدعم من الأستانة، لكن لم أوافقه في هذا الأمر! علينا أن نبقى على استقلاليتنا قائمة، لا نريد أن نهرب من النار للرمضاء! نتعاون مع الخلاقة العثمانية لكن ضمن استقلال القرار السيادي للجزائر مزغنة! ثم لا ننسى أن فرنسا هي من أطاحت بالداي حسين واحتلت الجزائر فيما بعد بدعوى أنها جاءت فقط لتؤدب الداي على ضربة المروحة!
بدأنا حملة تجنيد واسعة في صفوفنا من تجار وعمال ومستثمرين وطنيين وكراغلة وأتراك وحتى إسبان وفرنسيين ممن يودون أن يقبلوا بالقوانين الجزائرية واحترام سيادتها ومصالحها.
طورنا البحرية الوطنية لتصبح قوة في المنطقة. كما اعتمدنا على تقوية جيشنا وقواتنا الأمنية لحماية الحدود الجنوبية والجبهة الداخلية. قضينا على الفتن الداخلية التي حاول البعض تأجيجها أو تسبب في إشعالها مؤسسات وكيانات غير مسؤولة وغير كفئة. قضينا على بؤر التوتر وشغلنا مئات الآلاف من العمال وقضينا على فكرة الهجرة. بقي شيء واحد لم نتمكن إلى حد الآن من التغلب عليه ونحن في 1516، هو مشكل فريق الخضر، والدينار الذين لا يزالان يهويان مقابل الدورو الاسباني والفرنك الفرنسي..... والريال..مدريد!
مارس 2018