Saturday, July 14, 2018

عيد الانتصار في انتظار..

عيد الانتصار في انتظار..

56 سنة تمر على اليوم الذين كان الناس فيه يوعدون، من طرف جبهة التحرير وجيش التحرير الوطني، أن يوم النصر آت وأن الثورة قد أتت أكلها بعد حين وأن الحرب إلى زوال!
اليوم 18 مارس، هو يوم توقيع اتفاقيات إيفيان من أجل وقف إطلاق النار في كامل التراب الجزائري، ابتداء من 19 مارس على الساعة 12 ظهرا. كان ذلك سنة 1962. واليوم تمر، ذكرى انتصار الثورة والشعب بعد حرب دامية همجية لازلنا إلى اليوم نكتوي بنارها، وبعد 132 سنة من استعمار الأرض والعرض والإنسان.
خرج الاحتلال كما دخل، تاركا وراءه دمارا وخرابا اقتصاديا مريعا حتى لا تقوم للدولة الفتية قائمة إلا على أسس اتفاقيات كان يراد منها تحجيم التنمية وإبقائها ضمن فلسفة الاستعمار الجديدة! وكان على الدولة الوطنية أن تعرف كيف تسير المرحلة الحرجة بعد الاستقلال وأن تخرج منتصرة رغم الهزات والصراعات الداخلي وبين الإخوة الاعداء والفرقاء السياسيين.
واليوم، بعد كل هذا العمر: 56 سنة، تمر وقد حدثت تحولات عميقة في بنية الدولة المستقلة: سياسيا وعسكريا واقتصاديا وعلميا وثقافيا، إلا أن الأمل والطموح في نفوس من عاشوا الثورة ومن ولدوا بعدها، سيكون بالتأكيد منقوصا، لأن الحلم عادة ما يكون أكبر من الواقع. نحو ستون سنة خلت، والبلد مقبل على منعطف جديد لم نعرفه من قبل! منعطف قد يعصف بنا وقد نطوعه لصالح تنمية مستدامة جديدة بعيدة عن السياسية النفطية التي وإن أفادت الاقتصاد الوطني، إلا أنها من جهة أخرى قتلت روح العمل والمبادرة وولدت الاتكال والفساد وسوء التسيير بسبب وفرة المال السهل! قتل العمل وحضر المال السهل! واليوم، بعد أزمة النفط فقط، نتفطن إلى أن النفط قد يكون داعما للتنمية ولكن قد يكون أيضا مهدما لقوة العمل، خاصة في بلد يعتمد على الأحادية الفكرية والشمولية السياسية التي كثيرا ما كانت وراء فشلنا التنموي.
واليوم، نعيد النظر في كل شيء، عسى أن يكون لبعد النظر هذا مخرج لضيق اقتصادي أحادي الجانب.
نمت على هذه المناسبة، لأجد نفسي جدا في الثمانين وقد أحاط بي أحفادي وأبنائي الذين صاروا آباء وأمهات ورحت أحدثهم عن ماضي المنسي: أبوكم، قلت لهم، لما كان في عمره 14، كان يرعى الخنازير عند مسيو جابو! أبوه الذي هو جدكم الكبير، كان خماسا عند "فيليمون" بعدما أرغم أبي وجدي على بيع أراضيه لليهودي "شلومو" والصبنيولي "غونزاليز". عائلتنا كانت تملك أراضي شاسعة بمئات الهكتارات، دفعنا دفعا عن طريق الضرائب من "بتانتي" وبروصيات على الأراضي والبهائم التي كنا ندفعها نقدا إلى بيع كل ما كنا نملك من بهائم وانتهت ببيع الأراضي التي كانت أرض عرش، لا تقسم ولا تباع لغير العرش والعائلة، أرغمنا على بيعها ملكية فردية صار جدكم فيها عاملا خماسا! يخدم شهر لأجل 5 دورو! الثورة الزراعية بعد الاستقلال زادت أخذت هذه الأراضي، الحمد لله استرجعنا جزء منها نستغله اليوم، وإلا لكنتم اليوم في الميزيرية الكحلة. احمدوا الله على نعمة الاستقلال وحبوا بلادكم وخدموا أرضكم ربي يوفقكم. ما تفكروا لا في حقرة ولا في حرقة..خلوا الإيمان في قلبوكم. هذا البلاد نتاعكم أنتم وحادكم، أما نحن، الله يسهل كمل الكريدي نتاعنا، باقي "كالك زينيني" رانا "نبيبيو" بهم! وجا وقتكم تهلاو في روحكم..


وأفيق وأنا أشخر..حسبت روحي مت وأنا أردد: فاشهدوا..فاشهدوا..
مارس 2018