Monday, June 24, 2013

من قتل..فليحسن القتلة!



من قتل..فليحسن القتلة!

لم أجد ما أفعله وأنا ملك هذه الأمة، أملك رقابها وخزائنها وجندها وقانونها وحاميها وحرامييها لكي أوقف الجريمة ضد الأطفال وضد النساء والرجال الكبار منهم والصغار والجريمة ضد مال الشعب ومقدراته وثرواته وأمله، سوى أني أمرت البرلمان بإقرار عقوبة الإعدام وقطع الأيادي، أي العودة الجزئية إلى الشريعة مع ترك الخمر لذة للشاربين والفسوق مجالا للعصاة المخطئين وترك باب مغفرتي ورحمتي كل خمس جويلية وأول نوفمبر وأعياد، رحمة لجزائريين..
وفرح الجزائريون والجزائريات، الأحياء منهم والأموات بهذا القانون الشعبي الصادر عن مصدر  التشريع الشعبي وإلهام الشعب في اختيار ممثليه والممثل فيهم مثلهم الأعلى! ولم يرض به إلا المجرمون القتلة. وكان أن استبشر الناس خيرا بتطبيق الشريعة والحد على بقية الجنايات عمار قريب.
وكان أن أصدر أول قاض، الحكم بقطع اليد على سارق محتال قام بسرقة خبز الجزائريين وحلبيهم اليومي (النفط)، غير أن القاضي ولأنه لم يقرأ كثيرا قانون العقوبات جيدا واكتفى بالعقوبة بدون الاكتراث بالعواقب أن حكم على أبن خالي بقطع اليد اليسرى (لأن يده اليمنى كانت قد قطعت أثناء الثورة عندما انفجر فيه لغم لما كان بصدد قطع طريق على تجار الفجر لسرقة دوابهم وسلعهم من أجل شراء 50 كلغ ذهب مهر زوجته الثانية الجميلة بعد أن طلق ابنة عمه بخمسة أطفال!).
اتصل بي "وزير العدالة وتطبيق الشريعة على الشارع"، ليخبرني بأن القاضي "بوقادوم" (المسمى "قاضي فاس"..والبعض يسميه "قاضي فيس") قد طبق أول قرار بتنفيذ الحكم وبدون استئناف كما ينص عليه القانون العادل المعدل. فرحت وشكرته وطلبت منه أن يهنئ القاضي على هذا الموقف الشجاع الذي سيعطي المثل للآخرين من القضاء من أجل الحد من الفساد وسرقة أموالنا نحن! فالمال المسروق هو مالنا نحن بالأساس ونحن من نتصدق به على أبنائنا من هذا الشعب البطال الكريم..
غير أنه وما كدت أنزل السماعة الأولى ، حتى رن الهاتف العاشر ..بحثت عن الهاتف الذي رن..فلم أعرف "ترن".. من هو المرن..فلقد صارت كل الخطوط ترن دفعة واحدة!  هذا يرن...ترننننن...والآخر...بزززززز... والثالث خرررررر... والرابع...طننننننننن... ولخامس...ميااااوووووو...والسادس...بععععععع... والسابع...ديننننغغغغ دوننغ دييينغغغغ والثامن..فررررررر..والتاسع...كان يغني.."د يدي د يدي وووواه...أما العاشر فكان "يفيبري" و"يشطح"!!! نووورمال...! على موسيقى "سكنت مارساي المريولة" للحاجة الشيخة الزهوانية!!
لم أعرف أي هاتف أحمل! فكل هذه الخطوط حمراء، لا تمر على السكرتيرة ولا على مدير الديوان...لا أريد "ديوانة" عندي في الديوان..الديوانة من طبيعتهم اللغوية يتقاسمون الريع مع الآخرين.. والدليل هو اسمهم: "أدي..وانا"....أي..خذ..وأنا أيضا آخذ معك!!
أوحى لي هذا الأخير أن أحمل الهاتف الذي كان تغني "دي دي"! حملته، وإذا هو خالي يزبد ويرعد وأنا لا أعرف السبب قبل أن يقول لي: أنت هو السبب.. أنت سبب قطع يد أبني..ما تخافش من ربي؟.
بقيت أحمل السماعة وهو يتكلم وأنا لا أعرف ماذا أرد عليه لأني لم أكن أعرف من هو الرجل الذي نفذ فيه و قصاص قبل قليل..
تركته حتى قطع هو المكالمة وهو يقول ويردد هذه العبارة الأخيرة..ما تخافش من ربي؟..ما تخافش من ربي؟..ثم أنزلت السماعة وجلست على كرسي جوار الهواتف أسترد أنفاسي قبل أن أقرر ماذا أفعل!َ فلقد شكرت الوزير والقاضي معا..فكيف لم أسأل عن اسم الجاني أو بالأحرى المجني عليه؟؟؟.
بقيت نحو ساعة لا أرد وقطعت كل المكالمات: عرفت أنها كلها تتعلق بهذه الحداثة، فالتلفزيون والإذاعات قد بثت الخبر قبل قليل ولم أكن أمام أو بجوار أي جهاز مفتوح.عرفت هذا فيما بعد.
بعد هذا مباشرة، حملت الهاتف واتصلت برئيس الحكومة والبرلمان: المادة 234 معدلة:لا تقطع يد أحد أو يعدم إلا بعد إخطار الحكومة والبرلمان والرئاسة والقيادات العليا لبلاد وبعد استنفاذ كل الشروط والخطوات القانونية من استئناف ومحكمة عليا وعفو رئاسي في الأعياد والمناسبات الوطنية فقد يكون الجاني مخزوميا مجنى عليه.
تركت الهاتف الأول ثم اتصلت بوزير العدل وقلت له: أنت مقال من منصبك والقاضي مقال من منصبه ومن كل المهام في القطاع ولولا خشيتي من الله لأمرت بقطع يديه من خلاف بتهمة قطع اليد التي تطعم!
وأنا أنهي هذه المكالمة الأخيرة، يرن الهاتف السادس ببببععععععع...حملت السماعة وإذا برئيس الحكومة يقول لي: لقد نفـذ أول حكم إعدام في قاتل أطفال..وأمريكا وفرنسا تنددان وباقي الدول الأوروبية وتقول أننا اترتكبنا جريمة ضد حقوق الإنسان وهي تعادل جريمة حرب.
لم أفكر كثيرا وقلت له على التو: أقل القاضي وأضف في المادة المعدلة: القاتل لا يقتل. قتل القاتل جريمة يعاقب عليها القانون ولو بالقتل...

1 Comments:

At 2:28 AM, Blogger Peter Floyd said...

Nice post

 

Post a Comment

<< Home