Friday, February 22, 2013

سياسة النفط السياسي



سياسة النفط السياسي

عندما يقول رئيس حكومة، بشحمة ولحمة لسانه "الأعظم" أنه يعلم أنه لكي يستخرج المواطن شهادة ميلاد من بلدية، عليه أن يعطي الرشوة! فهو قد يريد أن يقول للناس الآن بعد أن أصبح "معروضا" وليس عارضا في الحكومة (وليس معارضا بعد!)،أنه لا داعي لأن تفكروا في التغيير، لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم!. ثم لما يرجع سبب عدم تعرض الجزائر لربيع عربي مماثل لما حدث في بعض البلدان العربية (التي لم تشهد في تاريخيها لا ربيعا ولا خريفا ولا شتاء، سوى صيفا حارا..وهو يعلم أن الربيع العربي سبق كل الربائع!) إلى فضل الله وبوتفليقة وحاسي مسعود، فمعنى هذا أننا أمام خطاب "قدري"! خطاب سياسي متشائم ويائس من التغيير!
فكيف يعجز رئيس حكومة، بما عنده وما يملك من سطوة وسلطة على حل مشكلة "رشوة مقابل وثيقة"، بل وكيف ينجح ويحقق المشروع الوطني ويحقق "برنامج التنمية المستدامة" وبرنامج "فخامة الرئيس" كما يقول، وهو يعلم أنه "يشرك بالله شيئا" عندما يقول "لولا الله وبوتفليقة والنفط"... (لما كنا لنخرج عن دائرة الغضب الشعبي؟).. هذا كلام انتخابي وليس كلاما مسؤولا، قيل أثناء وبعد الحملة "على المحليات" من حيث يعرف أن حزب الإدارة الذي ولد "بشلاغمه" وتزوج يوم مولده وأنجب ثاني يوم من ميلاده (أنجب آلاف الانتماءات الإدارية والانخراطات المخروطية)، سيكون من أكبر الفائزين في المحليات جنبا إلى جنب مع "أبيه من الرضاعة"، لأنه لا يوجد غيرهما في السوق! الأحزاب الأخرى؟ هيئ هيئ!! انتهى بريقها بأن لعقت من نفس القصعة وأكلت من نفس الصحن، وبانت (حوائج) سعاد!، والإدارة صارت وحدها من يتحكم في اللعبة! فسواء انتخبنا أم لم ننتخب، فالفائزون معروفون "فلسا"، والخاسرون معروفون سلفا، لأن القوانين التي نسجت منذ 1991، كان الغرض منها هذا الذي يحدث حاليا: إفقاد الأحزاب "الشعبية" (لاسيما ذات التوجه الديني) شعبيتها بضمها إلى جناح السلطة، أو عزلها عن ممارسة السياسة بقرار سياسي، وتفتيت الكبير منها وتشتيت شملهم وتوزيع دمهم بين القبائل الصغرى والكبرى، حتى لا تقوم لهم قائمة ولا رجل!، وحتى تستوي صور البقر، على صوره لدى الناخب حتى لا يعود المواطن يفرق بين الوكريف والعجل والبقرة الصفراء والذلول!
وهو ما حدث بالفعل، حيث أن المواطن قد استقال من عمل المواطنة ودخل في متاهات البحث عن لقمة العيش بمفرده، مستعينا بالأساليب التي أنتجها من رشوة لقضاء الحوائج الشخصية الفردية، والسرقة والسطو والتحايل على القانون، والتمثيل، عندما صارت ظاهرة "انتحال شخصية فلان وعلان" من أجل الابتزاز، ظاهرة منتشرة بانتشار ظاهرة الرشوة!.هرب المواطن إلى اقتناص الفرص، والعمل على الاستفادة السريعة من أي مشروع باستعمال الأساليب الملتوية وبمفرده دائما، أي دون أن يفكر في العمل الجماعي: لا في إطار جمعوي ولا حزبي ولا نقابي! صار يبحث عن حل لمشاكله بمفرده! وبعدها، لا يعرف ماذا سيحدث له: سجن، موت، قتل، جنون، مرض فجائي من فضيلة ضغط الدم والسكري والفشل الكلوي والتهاب الغدة الدرقية والحرقة المعدية والقولنج..قبل أن يتحول كثير منها إلى داء قاتل سرطاني في كثير من الأحيان!
هذا ما أنتجته سياسة النفط السياسي، التي نعول عليها حتى قبل "ربي"!

0 Comments:

Post a Comment

<< Home