Sunday, January 13, 2008

!حج مجرور

حج مجرور

وجدت نفسي أتميز من الغيظ وأنا أتابع أطوار مأساة الحجاج الفلسطينين العالقين في صحراء مصر..(وهذا قبل أن
تفرج)..أحترقت من الغيظ من كلام أبو الغيط..حتى أني كرهت أن يقول لي أحدهم :عيط "مبارك"!..بقيت سهرانا أمام الأخبار المستجدة..بشأن ما سمي "بالملف"..(الحجاج.. تحولوا إلى ملف!.. ثم إلى "ميلقاي!"..).وفي سنة من نوم..أستفسر الأمر من وزير البناء والأشغال العمومية والشؤون الدينية والزراعة البحرية.. حول مشكل الحجاج الغزاويين الذين دخلوا مصر ـ وهم قد خرجوا منها ـ ليحجوا لا ليغزوا... كما فعل محتلوهم ومحتلونا جميعا..منذ أن قيل لهم : أهبطوا مصرا فإن لكم فيها ما سألتم!!..ففهموا من ذلك أن مصر لهم وحدهم.. وأن شعب الله "المخ ـ طار"، هو الوحيد الذي من حقه أن يختار أي شيء يريد أن يختاره!..
دخلت على الوزير إياه.. لأقول له بلهجة صعيدية: اسمع ياواد!َ.. مالكم أنتو والإسلام !.. أنتو في واد.. والإسلام في واد!.. أجاب من حيث لا يدري: هو آنت مين؟.. أنا مش شايفك!.. قلت له: لما حاتشوفني.. حتشوف النجوم في عز النهار!.. إنتم إزاي تسمحوا لأنفسكم بالانبطاح بهذا الشكل أمام الضغوطات الصهيونية بشأن الحجاج الفلسطينيين..؟.. أنتو تطلعوا إيه؟.. قال لي: مش عارف أقول ليك إيه.. أنت مين أولا؟.. قلت له وأنا أجذبه بعنف نحو نافذة المكتب لأريه بأني قد أرسله إلى الطابق الأرضي جوا!...بما أن الفلسطينيين لم يستطيعوا أن يدخلوا أرضهم حتى برا...فأنا سوف أسفرك جوا..! قال لي: طب..ونا مالي..؟ هذول فلسطينيون..ومشكلتهم مع إسرائيل!..إسرائيل رفضت أن يدخلوا بدون ضمانات أمنية عبر رفح! قلت له وأنا أشدد الخناق عليه: وأنا مالي؟..وأنا .. النيجر!!..يابن.... الحكومة...سوف أرميك جوا..! الحجاج يموتون في العراء وأنت هنا تحت المكيف..وتزيد تشرك في فمك..وكـأن هؤلاء الناس ليسوا بني أدمين ولا حجاج ولا عرب ولا مسلمين ولا كبار السن..ولا بشر.. ولا حتى حيوانات!.. قال لي: دعني أقول لك سرا وأرجوا ألا تقول عنه لأحد.. أحنا عندنا مشكلة مع إسرائيل..نخشى أن تضغط علينا مع الأمريكان في مسألة المساعدات المالية لمصر وضغوطات أخرى سياسية بشأن الديمقراطية والإخوان المسلمين وحقوق الإنسان والحريات العامة والسياسية والدينية للأقباط وغيرهم من الديانات..ولهذا نحن نعمل في السر.. نمارس التقية. قلت له: اتقوا الله أولا.. قبل أن تمارسوا التقية من إسرائيل التي لا تمارس أية تقوه ولا تقية..وإنما تمارس عليكم القوة..والنفوذ والنقود..والسيطرة على المكشوف والناس تشوف!..ماذا تفعلون؟.. قال لي: لقد جمعنا الحجيج في محتشد العريش..نعطيهم الشعير كالبعير...ثم نقوم بتهريبهم جميعا على طريقة "الهروب الأكبر".. من السجون الألمانية أيام هتلر..نحفر حفرا عميقة على نمط الطريقة التي تتبع لتهريب السلاح نحو غزة...ولكن بطريقة أكثر احترافية وأوسع..فنهرب الحجاج بعد سنة إن شاء الله..إلى ديارهم أي قبل موسم الحج المقبل..ونقول لإسرائيل أننا قد وطناهم في مصر..! قلت له: هذه طريقة جديدة في تهريب المواطنين الحجاج.. باتجاه معاكس!.. تهريبهم نحو بلادهم!.. قال لي: ليس أمامنا حل آخر غير هذا لتفادي المواجهة مع إسرائيل وأمريكا..! قلت له: وأين تكون عملية الحفر؟.. قال لي: من مخيم العريش..باتجاه غزة..ما يعادل مسافة 10 ساعات حبوا وزحفا!..يمر النفق بعيد قليلا عن معبر رفح..ونسميه "مبعر حفر"..!
ضربته بركلة للمؤخرة وهو يريني..من دون أن يراني مخططا على خارطة في "الزبورة"..المعلقة!..وأنا أقول له:..تريد أن تهفني..وتهف الحجيج المساكين..! المخطط هذا.. أنظر يا أيها المخادع الأعمى... الله يعطيك العمى والطلامس..! إنه يمر على الأراضي المحتلة..تحت ثكنة للجيش الصهيوني!..وهناك فتحة في داخل الثكنة!.. اندهش وقال لي: آه؟... العلم لله.. أنا لست خبيرا في الحفر ولا في الطوبوغرافيا ولا في قراءة الخرائط! قلت له: خبير في "قراءة الخرا...ئط"!؟..الوضوء والتيمم؟...هذا المخطط أيها الأبله.. مخطط صهيوني مصري..وهذه الخارطة.. هي "خارطة طريق" جديدة.. للتحايل على الفلسطينيين العالقين..من أجل استدراجهم لقبول المكوث في العريش قبل تسليمهم للعدو في طبق من فخار.. وبكل افتخار!.. قال لي: لم أكن أعرف هذه التفاصيل.. أنا محرج..! قلت له: قبل أن أتي أليك أيها الأبله.. لكي تقف موقفا مشرفا من القضية باعتبارك رجل دين ودنيا..وحج وعمرة.. وسياحة وري محوري..مررت على وزارة الدفاع وقرأت نفس الخارطة بحضور القيادة الأمنية المشتركة الأسرائلية المصرية.. لكن دون أن يلاحظ حضوري أحد!..قال لي: العلم لله..أنا فهمت الأمر على أنه تحايل على إسرائيل!.. قلت له: متى كنا نحن كحكام عرب نتحايل على إسرائيل؟.. كل ما كنا نفعله ولا زلنا هو التحايل على شعوبنا وعلى العرب مثلنا..!
عندما عادت بي عيني..كان خبر صغير تحت الشاشة يمر: فرجت!..أخيرا!..(الحمد لله أن الحلم كان مجرد كابوس!)!

0 Comments:

Post a Comment

<< Home