Friday, October 19, 2007

ترخيص إداري للقيام بواجب إلاهي




ترخيص إداري للقيام بواجب إلاهي


بعد تعميم التعليمة للمساجد بضرورة الحيازة على تصريح من أجل "الصلاة"...صلاة التهجد والاعتكاف، وجدت نفسي أدخل قبل يومين من العيد على جماعة من الشيوخ، وهم برفقة الإمام،يصلون صلاة التهجد في مسجد بقرية صغيرة غير بعيدة عن عاصمة الولاية..! كنت أسمع صوت تجويد للقرآن، لكن لم أكن أعرف أنهم يصلون صلاة التهجد..باعتبار التعليمة الوزارية..مما جعلني أدخل عليهم في الركعة الأخيرة..!
تركتهم حتى قالوا "السلام عليكم"..وكان عددهم لا يتعدي العشرة بالإمام!... أي 9+1!..
رفعت صوتي بعدما تيقنت من أن أحدا لا يراني،ثم أطفأت الأضواء وأنرت المصباح المشع الذي لا يفارقني ليلا..وإذا بنور خافت متعدد الأطياف،مع خضرة طاغية، يعم المسجد.. وإذا بالوجوم المطبق في أرجاء المسجد!..الكل شعر بأن حدثا جللا قد وقع!..والحدث الجلل هو ليلة القدر.. والتي كان كل مسلم يترقبها في هذه الأيام العشرة المباركة الأخيرة من شهر رمضان المعظم!..
لم يكن قصدي إزعاجهم..بقدر ما كنت أريد الاستفسار عن سر الخروج عن تعليمة الإدارة!..البعض سجد لله وراح يدعو في سجوده، فيما بقي بعضهم مشدوهين ينظرون إلى سقف المسجد..فيما رفع واحد منهم يده متضرعا إلى الله!.. أما الإمام فقد خرج هاربا!..عرفت فيما بعد أنه ليس إماما وإنما نائب عنه فقط بعد أن سافر الإمام الذي يسكن بعيدا، قبل يومين لكي يحتفل بالعيد مع عائلته في الجلفة!..لم أعرف سبب هروبه،ربما كان الخوف من الضوء أو أن يكون التهديد إرهابيا.. لكن فيما بعد عرفت أنه لم يكن يحمل ترخيصا أمنيا..وكان سلفيا!..
عندها.. رحت أخاطب المصلين:من أعطاكم الرخصة لتصلوا في بيت الله بدون رأي الإدارة..؟ من قال لكم أعصوا المخلوق طاعة للخالق؟..فلم يرد علي أحد.. فقط من كانوا سجدا لله..قاموا من السجود وهم لا يعرفون ما يقولون! أعدت السؤال:من سولت له نفسه معصية المخلوق طاعة للخالق؟.. فقال لي أحدهم: الإمام..الإمام!..قلت له: أين الإمام؟ قال لي أحدهم: الإمام ؟إنه في الوراء! قلت له: تسخر مني..غلإمام يكون في الأمام وليس في الخلف؟ الإمام هرب! قال لي بعضهم دفعة واحدة: والله ما كان على بالنا بللي الصلاة ممنوعة والإمام ممنوع عليه يصلي بالناس في الليل القهار!..قلت لهم: كيفاش ما علابالكمش؟.. ما تقراوش الجرائد؟..قال لي أحدهم:الجرائد ما كان حتى واحد يقراها هنا عندنا!..ما سمعناش عليها في الجزيرة! قلت له: راه ممنوع عليكم تصليوا..أنتيردي.. ديفاندي..الصلاة حرام!.. سمعتوا..؟ رد علي أحدهم: خلاص فهمنا، عمرنا مانزيدوا نصليو..! والصيام ماعليهش نصوموا وإلا نفطروا؟.. قلت له:واقيلا ما فهمتونيش؟.. قال لي أخر: فهمناك فهمناك..أنا بعدة كنت ماشي واضي وكنت نصلي بلا وضوء! فيما قال لي آخر: حتى أنا..غير دروك مشى مني الوضوء..ماعليهش..خفت؟..قلت لهم وأنا أهدئ من خوفهم: صبرا جميلا..تقبل الله صلاتكم..ولا تخافوا ولا تحزنوا..صلوا إلى ربكم.. وصوموا..ولا تكترثوا بأحد..!
عندها عادت الطمأنينة للمصلين العشرة..وعندها فقط.. دخل الإمام الشاب بعد أن سمع كل ما دار من حوار بيني وبين المصلين التسعة..وراح يقول لي: أنا هو الإمام..أنا من رفض طلب الترخيص وطاعة المخلوق في معصية الخالق! قلت له: ولماذا هربت؟... قال لي: خفت على نفسي كما خاف سيدن موسى على نفسه..خفت أن يلقوا علي القبض في المسجد ويذهبوا إلى أمي ليقولوا لها كما حدث معي ذات مرة وأنا في الـ 15 من عمري عندما ألقي علي القبض في المسجد.. واعتقلت لمدة عشرة أيام..وعندما لم يثبتوا عني شيئا غير شرعي..أعطوني لأمي وهم يقولون: ربوا أولادكم يالحاجة .. ربوا أولادكم! فردت عليه أمي: نربيوهم؟..كيفاش نربيوهم؟..نعلموهم يدخلوا للبار وإلا للكاباري؟... ياك جبرتوهم في الجامع!..
عندما أفقت من نومي..كانت زوجت تصلي في غسق اللي على ضوء باهت.. فنهرتها:عندك رخصة وإلا غير هكذك راكي تصلي؟

0 Comments:

Post a Comment

<< Home