Saturday, September 29, 2007

موظفون في محل توظيف


موظفون في محل توظيفوجدت نفسي،أرأس لجنة إعادة النظر في قانون الوظيف العمومي، فقلت في نفسي: ولم لا نعيد النظر في الوظيف أصلا!..وفي العمل أصلا!
ورحت أبحث وأحسب وأقارن وأقترن حتى شعرت بأن "القرينة" سوف "تقوم في رأسي"!..
وجدت أنه من بين مليون ونصف موظف في الوظيف العمومي..(على غرار مليون ونصف شهيد!..لست أدري لماذا هذا التوافق بين الرقمين هل هي مجرد صدفة أم هي حقيقة مطابقة للواقع!). وجدت أنه من هذا العدد، هناك حجم عمل يعادل حجم عمل 15 ألف عامل فقط! ..أي أننا نعمل 10 مرات أقل من المعدل!..لكن، عندما شرعت في حساب المستوى المعيشي، قياسا بمستوى المعايير الأوربية الفرنسية بشكل خاص، وجدت أن الموظف يتقاضى عندنا مرتب 10 مرات أضعف وأن راتب الموظف في فرنسا هو 10 أضعاف مرتب نفس الموظف عندنا!..ثم عدت إلى الحد الأدنى للأجور، فوجدت أن الموظف في فرنسا دائما يتقاضى أجرا قاعديا لا يقل عن ألف أورو.. أي نحو 10 ملايين سنتيم!..معنى هذا، أن الأجر القاعدي عندنا الذي هو في حدود مليون سنتيم، يعادل مائة أورو فقط!..كما أن الأورو يعادل 10 مرات الدينار..
قلت في نفسي: ربما أننا نقارن أنفسنا بفرنسا، فهذا غير معقول.. لنقارن أنفسنا بالجوارين!.. بالمغرب مثلا!..موظف مثل الأستاذ الجامعي بمرتبة بروفيسور، وهي أعلى رتبة،يحصل على مرتب لا يقل عن 3 ألاف أورو.. أي 30 مليون سنتيم (عندنا..؟والله ما يكحل عليها لو عمل حتى 5 أشهر!..). أما في فرنسا وفي بلدان الخليج.. فيحصل ما لا يقل على 7 ألاف يورو.. أي 70 مليون سنتيم!..وقس على ذلك بقية الأصناف!..
عندما قلت هذا الكلام للجنة..التي فيها الوزارات المختلفة..قالوا لي: حنا مش كما المغاربة..المغرب يخدمو!..قلت لهم: صح!.. الأرقام عندنا تقول أن 10 موظفين عندنا يقومون بعمل موظف واحد في فرنسا..مثلا..وهو ما يعني أن الراتب الحالي مناسب.. وهو ما بني عليه منذ 1966. لكن لماذا لا نعمل؟..قالوا لي: لأننا كسالى!... قلت لهم..ولماذا كسالى هنا ، نشطون في الخارج!.. قالوا لي: لأن العمل في الخارج منظم..والزيار..والوقت.. والصرامة! قلت لهم: إذن، المشكل ليس مشكل "جنس بشري" لا يعمل.. وإنما مسألة "سيستام"!.. السيستام لا يعمل!.. نحن مثلا هنا.. كم من شهر ونحن ندرس هذا القانون؟..ما يقارب السنة؟..ماذا فعلنا؟.. لا شيء! وصلنا إلى نتيجة معروفة سلفا: الجزائري لا يعمل!.. مما يجعلنا نرضى بالراتب الحالي!..لكن هل تساءلنا قبل بداية العمل:كم هي ثروات الجزائر..وكم حق المواطن من الركاز الإسلامي؟..أربعة أخماس البترول وباقي الثروات الباطنية من المفروض أن تذهب لجيب المواطن في شكل راتب أما الخمس فيعود للدولة!.. نحن عندنا العكس! أربعة أخماس تذهب لمجموعة قليلة.. فيما يوزع الخمس على الخماسين منا!..المسألة ليست عمل!.. الجزائري ذكي ويعرف مصالحة: إنه يعمل بمقدار ما يخلص!..ولهذا شاعت عبارة يقولها العمال عندنا:" هم يتظاهرون بأنهم يدفعون لنا أجورنا... ونحن نتظاهر بأننا نعمل"! هذه هي المعادلة التي كان يجب أن نفهمها من البداية قبل الشروع في دراسة قانون الوظيف العمومي! كان علينا أن ندرس علم الاجتماع وعلم النفس والفلسفة والتاريخ وكل العلوم الإنسانية..لكي نفهم ذهنية الجزائري الذي نحن نمثل جزء منه!.. إنكم الآن تدرسون المرتبات وفق الشهادة! هذا لم يكن حاصلا قبل هذا القانون.. لأننا كلنا هنا أصحاب الشهادات..لكن .. لا قدر الله لو شكلت اللجنة وفقط من موظفين أميين.. لأعطوا الامتياز للأمية على الشهادة..وأخشى أن يفوز بها رؤساء البلديات وكثير من الموظفين وحتى رؤساء!..
رد علي أحدهم: إذا كنت تقصدني أنا.. فأنا عندي ليسانس بالمراسلة!..قلت له: مانيش عليك..كاين رؤساء دولة! قال لي: قاع داروا دكتوراة..على الأقل فخرية!..وحكموا 13 سنة.. واش فيها؟..كنا خير من اليوم!
لم أجد ما أقول..سوى لأن قلت: أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم..رفعت الجلسة!وأفيق من نومي وأنا أرمي المائدة بين رجلي بكل ما فوقها من حمولة:رفعت الجلسة!(في الحقيقة!... رفع صحن الحريرة حتى للسقف

0 Comments:

Post a Comment

<< Home