Friday, April 27, 2007

طرطيقات



طرطيقات

أمام تعاظم التخوفات من العمليات الانتحارية، لا سيما الأحزمة الناسفة،وجدت نفسي أكاد أجن مما وصل إليه الناس من تذمر وما وصل إليه البعض من الشباب من جنون الموت والقتل..فوجدت نفسي فجأة وكأني أدير أمن لاية بكاملها: أتابع سير عمليات المراقبة والتفتيش، لا سيما مع اقتراب موعد الانتخابات.
أعطيت أوامر لتتبع كل ممشكوك فيه،ومراقبة كل المكالمات الهاتفية الثابثة والمحمولة..بل حتى كلام الناس في المقاهي والحافلات والشوارع..والبيوت..!تمكنا بفضل التعاون الأمني مع الأمريكان الأشاوس من استيراد تكنولوجيا التعرف على الذبذبات الصوتية التي تحول شفرتها إلى صور بالأبعاد الثلاثية، مما يسمح لنا بالتعرف حتى على الأفكار التي تخطر على بال البشر..وهذا ما قد يقلص من العمليات الانتحارية بقراءة النوايا، أو ما يسمى دينيا "الأعمال بالنيات"، وعلميا بـ "المشروع النووي الفردي"!..
كانت الدوريات تقوم بفعالية بالغة عند مداخل المدينة،وفي مفترقات الطرق وملتقياتها..فيما كانت الطائرات العمودية الاستطلاعية تشرف على الأمن من أعلى عليين!..
كل العيون كانت مبرمجة..وكل الآذان كانت مسخرة..وكل الوسائل التكنولوجية، كانت حاضرة:لا أحد بإمكانه إن يفلت..! خطة أمن العاصمة، أخذتها من أمريكا في الحين لتصحح بها خطتها في بغداد..! المعاربة، تنازلوا عن الصحراء مقابل تتسويق الخطة هذه، بتقنياتها ومواردها البشرية..لتطبيقها في الدار..السوداء!..(طبعا، لم نقبل..!).
وفيما كنت أنا بنفسي أحمل الطالكي والكي..والبوق..وأدور مع دورية "نحو الغرب"..إذا بجهاز التقاط الذببذبات الفكرية والصوتية ينذر بوجود خطر وشيك!..كان لون الضوء أحمر..وموجات حرارية تشير إلى أن شخصا قريبا منا ينوي الانفجار!..وبسرعة، كان الجهاز يشير إلى الاتجاه الذي يصدر منه الصوت: كان الصوت داخليا..صادر من الدماغ وليس من الفم:الإشارت الألكترونية المشفرة كانت تقول:"أريد أن أفجر نفسي "..(وهذا حسب ترجمتها إلى الدارجة الفصحى)..
وبسرعة الضوء، كان الرجل يلقى عليه القبض..وهو في حالة ذهول: سألته: لماذا تريد أن تفجر نفسك..؟أين الحزام الناسف؟..
الرجل لم يفهم!.. كان شيخا كبيرا..! رد علي: "من قال لكم ذلك؟..أنا مطرود من بيتي..زوجتي وبناتها طردوني.. لأني أردت أن أؤدب بنتي بعدما دخلت الأمس متأخرة ليلا..! عندما حاولت تأديبها، تعاونت هي وأمها علي.. وأشبعوني ضربا،وطردوني من الدار..ليخلو لهم الجو..للفسق والفجور!..
تعجبت من الأمر، وطلبت من الدورية إيصاله إلى البيت للتأكد مما يقوله وتفتيشه وتفتيش بيته!..تصورا، عندما دخلنا..وجدنا رجلين في الدار.. رفقة بنات الشيخ!..(كنت أنا من أراد أن ينفجر في ذلك الوقت)!
ثاني حادث وقع،بعدما ضبطنا شابا وهو يتحدث في هاتفه المحمول بطريقة سرية..ويهمس في "أذن الهاتف":قلت لك راني باغي نطرطق!"..
وفي رمشة العين،كان الشاب محاصرا من كل جانب: إرفع يديك ... أرفع رجليك..أرفع راسك..حط التلفون ..أرم التلفون..حبس..!!!!..وكان الشاب يجمد في مكانه ويرفع يديه بعدما رمى هاتفه بعيدا..! ورحت أقول له في مكبر الصوت:أقلع الحزامة..نح الحزامة!!..(كنت أقصد الحزام الناسف!!)..فيقول لي خائفا:مرانيش لابس الحزامة!..فأرد عليه: أقلع لمك.. الحزامة!!..فيفتح سرواله..فيسقط سرواله عند قدميه..!!(لم يكن يتنمطق بأي حزام ناسف!..).قلت له: أقلع التريكو والفيستة..خف!!..أزرب!..فيرمي بحوائجه بعيدا عنه ، ليصبح فقط باللباس الداخلي السفلي! (كل هذا والناس تشوف!! وتتفرج..خاصة بعدما أمرته بالابتغاد عن العمارات والسيارات والوقوف في وسط مفترق الطرق!..).أمرته أن يرتمي أرضا على بطنه.. ففعل..! واقتربنا منه..فتشناه في كل جسمه!!.. فلم نجد أية متفجرات.!! مسكته من عنقه وانا أقول له:كنت تقول:راني باغي نطرطرق..فين هي المتفجرات!.؟..
فيرد علي مندهشا: واش من متفجرات..؟!..كنت باغي نطرطق بالزعاف والــ...!..مالقيش مرحاض في كل هذا الشارع..القهوة اللي ندخلها..مغلوق!..ها راني طرطرقت!
وفي الأرض، تحته، كانت المياه تجري أنهارا ووديانا..
وافيق من نومي..والأمطار في الخارج كانت تغرق المدينة..والعرق يتصبب من كل أنحاء جسمي.. حتى أني خشيت أن أكون انا الآخر "طرطقت"!!

0 Comments:

Post a Comment

<< Home