Saturday, March 17, 2007

!!ما لا عين رأت ولا أذن سمعت




!!ما لا عين رأت ولا أذن سمعت

وجدت نفسي أستقبل الملك خوان كارلوس بوهران،وقد داهمنا الوقت لتحضير الزيارة:فالطرقات بئيسة،والشوارع تعيسة،مما جعلنا نعيد بناء وهران من الأساس،ولكن ليس من الأساس .. بل من الفوق..أي ببناء "الضالة" قبل حفر الأسس!..عمل سريع..على غرار "الكوكوط"..!، لكن مع ذلك، بدت الشوارع التي كان من المفروض أن يمر بها الموكب،في حلة جديدة، مزينة بكل أنواع العطور والبرنيق والماكياج..إلى درجة أنك تحتار إن كانت هذه هي وهران قبل 24 ساعة!..تذكرت زيارة شيراك للمدينة قبل نحو 5 سنوات،وشاهدت كيف بدا الشارع الرئيسي، شارع جامعة وهران، وكيف تحول بين عشية وضحاها إلى فضاء "مستورد".. جديد كلية!..وها هو نفس الشارع يعاد تزيينه مرة ثانية في ظرف 5 سنوات..!لا لشيء سوى لأن الشارع أعيد تزفيته وتلوينه على عجل، فلم يعمر أكثر من هذه المدة!..
على ضوء هذه التجربة، فكرت في تنمية البلاد وتزيين المدينة بأن دعوت لزيارة وهران كل رؤساء وملوك الدول الأوروبية،وكل رئيس أو ملك، برمجت له زيارة لشارع ولأحياء معينة، حتى أجبر البلدية والولاية على ترقيع الشوارع والأحياء..
بدأت بدعوة الرئيس الإيطالي (أعلم أننا عندنا جالية من الحراقة في إيطاليا، ومن ينوون الحرقة إليها..إذن، يملك شعبية عندنا، ثم أن كرة القدم الإيطالية محبوبة عندنا..وفيات الجزائر..الخ..)..الزعيم الإيطالي،رسمت له مخطط زيارة لحي سيدي الهواري و بلانتير!..وخططت للزيارة قبل أكثر من سنة لإعطاء المهلة لإعادة بناء وترميم هذين الحيين الميتين من جديد!..حتى يستطيع البناء الجديد أن يصمد لمدة أطول! فأنا أعرف أنه لو حضرت الزيارة فقط في ظرف شهر أو شهرين..لبني الحي من جديد..في نفس الفترة.. لكن، لتهدم في أقل من 15 يوما!!..وفعلا..ما إن زار الرئيس الإيطالي سيدي الهواري وحي رأس العين.. حتى كذبت العين ما رأته العين في رأس العين!..لقد تحول الحي إلى تحفة فنية !
الزيارة الثانية،كانت بدعوة مني لملكة بريطانيا..وبرمجت لها زيارة لحي الحمري!..وبعد شهر على زيارة الرئيس الإيطالي، كان الحمري يتحول بقدرة قادر إلى مدينة جديدة كلية!..مدينة راقية لا تشبهها مدينة!..كون أن التحضير بدأ بعد شهر من بداية التحضير لزيارة سيدي الهواري!..
وتوالت الزيارات،الميمونة، لكل من ملك بلجيكا..الذي بفضل زيارته أعيد بناء حي نجمة وشطيبو..ثم زيارة المستشارة الألمانية، والتي بفضلها، أعيد بناء سيدي البشير وبير الجير..ثم الرئيس الروسي، وبفضله،تغير وجه "المدينة الجديدة"..ومديوني..ومارافال..ثم زيارة الرئيس الصيني، فتغيرت معالم سان توجين ودالمونت..وإيسطو..ثم الرئيس الياباني..فتحول وسط المدينة إلى شيء يشبه طوكيو..وأخيرا..زيارة الرئيس الأمريكي..الذي طلبت منه أن يدخل عن طرق مغنية برا..!! فتغيرت ثلاث ولايات!!..وتحول الطريق مغنية وهران إلى أوطوروت بعشر ممرات!!..وتحول باعة القطرة إلى أصحاب مغازات..ومتاجر فخمة هبة من الدولة لتزيين المحيط..وصار لكل عاطل شغل شاغل..!
وفي ظرف سنتين، كانت وهران والمناطق المجاورة لها..يعاد بناؤها كما لو أنها بنيت لأول مرة..لا.. بل أروع وأجمل..! حتى سكانها، منحت لهم تراخيص وأموال لإنشاء مؤسسات صغيرة ومتاجر..ومحلات للخدمات..وحتى أنه مع أخر رئيس لوهران، سكت الصراخ وطلب الفيزا..وأصبح السكان لا يبالون بأية زيارة لأي رئيس لهم.. لأنهم كلهم كانوا منهمكين في العمل..
وأفيق من نومي ، وقد أخذتني سنة من نوم وسط الحافلة..التي كانت تقطع الطريق باتجاه المطار.. الذي تحول إلى حفر..وأوساخ..وأنا أقول في نفسي، والحلم الكابوس لا يزال يخيم على مخيلتي:أكيد أن الرئيس الصومالي..هو آخر من يكون قد زار المدينة!!

0 Comments:

Post a Comment

<< Home