Saturday, April 29, 2006


سيرك عمار/ بسوط: عمار يزلي


المقامة البغضادية



وجدت نفسي في بغداد ألبس لباس العهد العباسي (المدني)، وأنا أتصيد الفرائس بعدما أصابني من أثر الحصار الذي فرضه الطاغوت،إلى حد العدوى بمرض الطاعون .
وجدت نفسي بشارع المتنبي ببغداد، ثم بسوق الصفير (النحاس)،ثم بالسوق العتيق المغطى، وكان اليوم يوم صيام، وإذا بي ألمح صانع زلابية، ! قلت لعلني ألتقي هناك بإبن الرومي الشاعر لعله ينظم لي قصيدة في مدح الزلابية وقلب اللوز وقصيدة في هجاء بريمر وبوش العجوز..وإذا بي أرى سواديا يجر بجهد دبابته (حماره)،فأسرع إليه وأنا أقول: ظفرت والله..ومظفر النواب..بصيد ثمين! سوف أهفه هفا وآكل على يديه ومن جيبه زلابية ما بعدها زلة.. أبد!..
كان السوادي في لباس أمريكي،قلت له وأنا أتقمص سيرة بديع الزمان الهمذاني صاحب " المقامة البغدادية":لا حياك الله ياأبا عبيد..كيف أنت وكيف أحوال أبيك ابن الحمار..وأمك الفاسقة مع الجار.. في غياب صاحب الدار..والله لقد كدت أنساك..وأنسى الحمار أباك..ماذا جاء بك إلى بغداد وأنت من أصول نبطية هاجرت إلى بلاد قوم هود وعاد..
فرد علي السوادي:أنا لست أبو عبيد بل الجنرال لأبي زيد..!! قلت له: زيد يابوزيد!! زيد!! وكيف خالك من الرضاعة أبوشـ ..كارة..قبيح الكمارة..والله لأني سمعت أنه قادم إلى بغداد في السر والخوف.. ! أيخاف وأنا هنا..وهو صاحب قانون العقوبة!؟.. أيخاف من لغم في بعقوبة..ولا يخاف من الله يوم لا تنفع التوبة؟..وكيف حال الأعادي في الرمادي..ألا زالوا على قيد الممات..والخوف من العودة في صناديق الرفاة.. ألم تقولوا أن الورود بها ستستقبلون..وبالزهور ستحفون..؟! ومابه حمارك هذا يجر أذياله؟..
رد علي السوادي بلغة عربية مكسرة كعمارة مفجرة في الموصل: والله ماكنا نعرف أننا سنصل إلى هذا الموصل..ولكن فات الوقت وفرصة العودة إلى الخلف..ونحن كانا في حلف..ولكن وما شأنك أنت بي أنا لست أبو عبيد بل أبي زيد!.. قلت له: يا أبا عبيد..والله إنك لتشبه أباك في الوعيد..وأمك في أكل التريد..فهل تعرف ماذا أريد!؟.. قال : نعم ولكني لست بأبي عبيد بل أنا أبي زيد!..قلت له: أريد منك ياأبا زيد أن تعيرني حمارك لساعة وأن نأكل سويا الزلابية عند أحد الباعة.. فوالله إني أشتقت الأذاذ وأنا ببغداد وليس لي عقد على نقد..! فقال لي أما الأولى فلا.. وهذه دبابة أمريكية وليست حمارا..وأنا لا أجرها وإنما هى دبابة أسوقها لحماية السوق من النوق.. ومن القذائف التي تأتي من فوق..! أما الثانية فنعم..! فأنا أحب الحلوى الشرقية المهللة والزلابية المعسلة..فأي تاجر نقصد وأي بائع تريد؟! قلت له:الكل سيان، إنما زلابية أبو حسين فهي ثقيلة في الميزان خفيفة في الذوق على اللسان،تنزع كل داء من الأمعاء وتورث الفطنة والذكاء ووالله لأني أراك محتاجا إليها أكثر وكل الأماركة..لما فيها من عسل الزنابير وشهد حلو كالمسامير..وشمع طبيعي بلون الدبابير.. قيمتها لا بعدد الدولارات ولا بتعداد الدنانير.. وفائدتها تطلب بالقناطير..! فقال لي: هيا إلى أبو حسين..نأكل الشامية والزلابية بلا عجين.. والمحنشة والباقلاوة ممو العين..فإنك والله أفدتني وفتحت نفسي لأكل ثلات وجبات في رمشة عين..
قلت له : هاهو أبو حسين ياأبا عبيد المسكين..! رد علي: ألم أقل لك أني لسن بأبي عبيد.. وأني الجنرال أبي زيد...؟ قلت له: ياأبا عبيد..دعنا من الأسماء والألقاب.. العبرة بالأفعال.. وأبو حسين زلابيته هي آخر الكمال!
وما إن تذوق أبي زيد زلابية أبو حسين، حتى كان يهوي على أم رأسه بهراوة من يد أبي علي أبا الحسين، وأهرب أنا خلف الدكان لأعرف ما كان..فيما كان الأطفال يهرعون إلى دكان أبو حسين للتفرج على أبي عبيد.. أو كما يسمي نفسه هو .. أبي زيد!!

0 Comments:

Post a Comment

<< Home