Friday, April 28, 2006


سيرك عمار / بسوط: عمار يزلي

جماعة البلاوي..في زاوية العلاوي

في دردشة تافهة أمام المدخل الرئيسي لكسر المؤتمرات بنادي الصنو ـ بربر..البححح..إلتقيت مع رئيس الحزب المالكي الرضى الذي كان يثرثر كالعادة (حتى لا يتهم بأن السكوت علامة "رضا")،تارة مع الشاعر العسكري خالد قباني (حتى أن أحد الكتاب قال لي في أذني ضاحكا:ها هو أحد أعضاء إتحاد الكتاب الجزائريين الجدد..مشيرا إليه بأصبعه الوسطى!)،وتارة مع الجنرال Toi..tu الذي كان في غاية الذكاء والبراعة في الحديث..قال لي السيد رضا(دون أن أسأله..فقط حين سمعني أتحدث عن الطرقية والإسلام..وعن ملتقى الزاوية العلاوية الذي كنت مدعوا إليه لإلقاء مداخلة حول كتابات الشيخ عدة بن تونس الصحفية،بادرني بالتسول..أقصد ..بالسؤال..ليقول لي أن حزبه يضم أحد شيوخ الزوايا في صفوفه..سألته:أية زاوية؟!..قال لي:زاوية السوقر بتيارت!
فهمت أنه لا يفهم:المتصوفة الحقيقيون لا تهمهم الأحزاب ولا التحزب..لأنهم يرون في الإنسان ..كل الإنسان..لا يفرقون بين الإنسان والإنسان فكيف بين الأحزاب والأديان والجنسيات..والجنس!!هذا مالا يفهمه الكثيرون..فوجود الطرقي الصوفي الحقيقي في حزب لا يعني أنه مع برنامج هذا الحزب..لأنك قد تجده في حزب آخر على النقيض من برنامج الحزب الأول..أما بعض الطرقيين ..أو لنقل..الكثيرين منهم..فلا يهمه مع من يعمل ..المهم المكارشة!!فقد تجده مناضلا في إير سيدي أو في إير ألجيري..إو في إيران
وجدت نفسي أمام هذا الأمر..وبعد أن تركت مؤتمر الإرهاب..وهربت باتجاه مستغانم التي كانت تأوي أخيار الناس وبسطاء الناس..بمناسبة الذكرى الخمسين لوفاة الشيخ عدة بن تونس،خليفة الشيخ أحمد العلاوي مؤسس الطريقة،وجدت الأمر يختلف رأسا على عقب:من الخطب النارية..والعنف اللفظي والغلظة في القلب واللآتسامح اللإستئصالي..إلى لغة السلام..والمحبة بين الناس..والإنسان الكوني..وحوار الأديان والأجناس..والعناق..والقبل..والتواضع..والحكمة..والكلام الحسن..والسداد..
قلت: ياإلاهي..هذا البلد لا يزال الخير فيه كثيرا..مادامت هذه الأوجه حاضرة..تنادي بالإخاء وبالمحبة بين الناس على اختلاف ميولاتهم وعقائدهم ودياناتهم..وألوانهم..وانتماءاتنهم..تدعو إلى التسامح..وإلى الإحسان..فكيف كان سيكون الأمر لو أن مدعويي مؤتمر الإرهاب جيئ بهم إلى هذا المكان وعاشوا هذه الأيام ..ما عساهم سيفعلون؟!
وبت تلك الليلة،أتقلى حرقة على هذا البلد الذي لا يراد له أن تندمل جراحه المثخنة بخناجر الحقد المزدوج..لأجد نفسي وسط هذا الجو:
رضا مالك، خالد نزار،الجنرال معيزة..سعيد سعدي،الهاشمي شريف،سيدي سعيد،ونقابات أحزاب ضحايا الإرهاب،وكل فصائل ومجموعة من عناصر "الحقد الوطني"،وفلول "لجنة إنقاذ الجزائر من جبهة الإنقاذ"،ولجنة إنقاذ الجزائر من الديمقراطية..وإنقاذ الديمقراطية من الجزائر..كلهم حضروا لملتقى الزاوية العلاوية..ليتفاجأ الجميع بهذا الإحساس الذي يكتنف الإنسان وهو يقف ليسمع لشباب الطريقة وهو يصلون على النبي ويبتهلون لله..ويطلبون العون والمدد:مدد مدد يارسول الله..مدد مدد ياحبيب الله..وسط إيقاعات التصفيق وزغاريد النساء في هذه القاعة الغاصة بالناس من كل الأعمار ومن 10 جنسيات أوروبية وإفريقية تحضر الملتقى..وبحضور شيخ الطريقة سيدي خالد بن تونس..
ولم أدر..ولم يدر أحد، حتى كان جميع من حضر من مؤتمر الإرهاب..يقف قليلا ..ثم مستقيما..متمتما تحت أنفه..ثم رافعا صوته..ثم هازا رأسه..ثم..الجذبة!!..:مدد مدد يارسول الله..مدد مدد ياحبيب الله…مدد مدد يارسول الله..مدد مدد ياحبيب الله..مدد مدد يارسول الله..مدد مدد ياحبيب الله..
كان رضا مالك يجذب وعلي هارون يجذب ويتوب..وسعدي سعدي..يخرج عن وعيه ويشرع في تمزيق حوائجه وهو يبكي ويعفر شعره في حجر سيدي خالد..ونزار يرقص رقصة زوربا الإغريقي ويلثم التراب الذي وطئه في هذا الملتقى الشيخ بن عزوز بن زبدة..فيما كان الهاشمي الشريف يقبل رأس ويدا الدكتور محمد الطيبي أستاذ علم الاجتماع بجامعة وهران وهو يقول له: سيدي محمد..أنت هو الشريف وأنا هو العريف (وهو يرقص رقصة العلاوي والنهارية ويبكي بكاء مرا)..
لم أر في حياتي مثل هذا المنظر:لقد كان منظرا في غاية التأثير والتأثر..حتى وددت لو جيئ بكارل ماركس ولينين وماو..وسارتر..وباقي الملحدين المساكين..ليروا الحقيقة قبل أن يقتنعوا بأن الحب الإنساني أكب من كل الشيئ..وأن حب الإنسان من حب الله ..وأن الله محبة..فيتعلم الجميع قول الرسول الأعظم :أفشوا السلام بينكم..وقول المسيح عليه السلام:Aimez vous!ورحت أقول للناس:Aimez vous…..aimez vous..
وأفيق من نومي لأجد نفسي أردد هذه العبارة ..وزجتي توقضني بالصباط:Imi fou!..ياه!!مع من كنت تنوم؟!..قلت لها وأنا لا أزال تحت تأثير النوم:راني نهدر مع رضا..مالك؟؟!!

0 Comments:

Post a Comment

<< Home