Saturday, December 31, 2016

الأسد، الأرانب والقنافذ

الأسد، الأرانب والقنافذ



بعدما وجد "الأسد" نفسه أمام حل الموت داخل عرينه أو الاستعانة بالخارج لرد "عدوان الجرذان"، اختار الحل الأنسب له من أجل البقاء أطول مدة على رأس مملكة الحيوانات الداجنة في مساحة تطل على البحر الأبيض تدعمها قواعد روسيا البحرية وتحميها. كان على الأسد أن ينجو بنفسه من خلال حلول أخرى لم يسمع لها من قبل: الانفتاح السياسي على الطيور الأخرى التي تغرد خارج سرب حزب البعث، لكنه تعنت ودفع بشعبه نحو حرب أهلية لا تبقي له شيئا ولا تذر لشعبه في الشرق والشمال وحتى الجنوب إلا جيوبا غير آهلة بالسكان!
المأساة السورية المروعة، كان بإمكانها أن تحل سياسيا من البداية،إلا أن تغول النظام الشمولي، دفعت بالحلول نحو الانحلال، كما هو الشأن في ليبيا القذافي التي تعيش اليوم حالة فشل على جميع الأصعدة! السبب ليس في المعارضة المسلحة، بل ، في من دفع وأنتج هذه المعارضة المسلحة حين كان القذافي..قذافا للدم! يحكم بمفردة لأربعين سنة خلت! نفس الشيء في باقي كثير من الأنظمة الدكتاتورية والشمولية القومية والماركسية: في اليمن وفي العراق وفي سورية.
كان بإمكان كثير من هذه الدول أن تسمع لصوت شعبها ولصوت الحكمة، لكن فضلت أن تصم آذانها وتقاتل إلى آخر قطرة من شعبها الكثير، من أجل حفنة من الشعب القليل..المفيد من العائلة والمستفيدين من النظام الريعي والامتيازات المادية التي أغدق بها النظام عليهم خلال عقود من الجمود!
اليوم، وبعد تدخل روسيا وإيران وحزب الله، إلى جانب النظام في سوريا، وتدخل السعودية ودول الخليج والأتراك وكثير من باقي دول التحالف العربي والتحالف الأطلسي في معركة المفاوضات والتحذيرات السعودية من احتمال الانجرار إلى حرب برية بغرض محاربة تنظيم الدولة ونظام بشار، باعتبارهما وجهين لعملة واحدة على رأي هذه الدول، يبدو أن الصراع لم يعد بين النظام السوري والمعارضة المسلحة بكل أطيافها التي يقبلها الغرب ويتقبلها الروس، والتي يرفضها الروس والغرب على حد سواء، بل بين ثلاثة قوى: القوى الدولية، بين روسيا وأمريكا وأوروبا وما بينهما من تجاذبات وصراعات تعمل على النمو في الاتجاه التصادمي، خاصة بعد أزمة التدخل الروسي في أوكرانيا، ثم الآن في سورية! القوى الإقليمية: إيران وحزب الله ودول الخليج، وما يتنامى من صراع بين الخط السني والمحور الشيعي في العراق واليمن ودول الخليج وسورية ولبنان!
الأسد، دول القضية السورية ووزع دم السوريين بين الأصدقاء والأعداء وبين الخصوم والأخوة الأعداء! قسم العالم العربي والإسلامي إلى صراعات مذهبية، وكان التدخل الأمريكي في العراق سببا في هذا التشكل السياسية الطائفي. نفس الشيء فعله علي عبد الله صالح في اليمن عندما تمسك بالكرسي إلى أخر نفس، واليوم لا يزال يطيل نفسه تحت وابل طائرات التحالف مدعما ومتحالفا مع الأخوة الأعداء سابقا: الحوثيون المنقلبون على شرعية عبد ربه منصور هادي وعلى تدابير المصالحة المرسومة سعوديا! هذا ما أوصل العالم العربي والإسلامي إلى حمامات الدم التي نراها كل يوم ونرى معها ملايين اللاجئين في بلدان الجوار ثم قوارب الموت وأمواج الفارين من جحيم الموت باتجاه أوروبا!
هذا ما قد يفعله الدكتاتور بشعبه: يدمر بلدا ومنطقة برمتها حتى لا يجبر على ترك العرش! هذا ما فعله النظام النازي من قبل حين أدخل العالم في أتون حرب كونية لا تبقى ولا تذر..هذا هو نظام حافظ الأسد .. الله يحفظ.. وهذا نظام القومية العربية المفلسة حين أوصلت العرب إلى الهاوية، يعمل على تمديد عمر الأسد من خلال "زبل" ذاك الأسد!
نمت على ذكر الأسد الأب وزبل الأسد، لأجد نفسي أتنقل في غابة استوائية مدارية إفريقية لا هي عربية ولا بربرية ولا فينيقية ولا سومرية ولا أرامية ولا كلدانية: غابة لا يعيش فيها إلا الحيوان! ولعلي كنت أشبه بحيوان منى إلى إنسان من حيث الخلقة والشعر الطويل في الرأس والذقن وباقي الجسم، فقد كنت أقرب لأي سعادين وقردة الهند مني إلى إنسان، حتى أن الحيوانات لم تكن تشم رائحتي بالمرة، وتعتبرني ربما من فصيلة النباتات، مش حتى حيوانا!
الغابة يحكمها أسد! غضنفر، هزبر، ليث (دانا أخاف من أرنب ، يطلع لي أسد؟) ـ بالمناسبة: هذه العبارة التي قالها عادل إمام في "شاهد ما شافش حاجة"، عندما مرت المسرحية على الشاشات في سورية أيام حافظ الأسد، كان على المخرج حذف هذه العبارة..من المسرحية!).
علمت من "المعارضة"الحيوانية للأسد الذي "تبعر" على كرس العرش منذ أن مات أخوه باسل، تركه أبوه الليث شبلا لا يتعدى 25 شهرا، مع أن قانون الغابة يقول أن الأسد، عليه أن يكون بالغا عاقلا حيوانا "يبغل" من العمر 40 شهرا على الأقل! مع هذا، "زبل الأسد" وصل إلى كرسي أبيه وعمره أقل من عمر أخيه، وحكم منذ ذلك الحين بهذا الشكل. فلقد حاول أن يصلح بعض الأمور داخل الغابة التي تسلط عليها الغيلان والسعادين والذئاب والدببة ولم يفلح، بل وصارت الحيوانات الضعيفة محل تنكيل وتقزيم وحط من القيمة الحيوانية لها! فلقد بلغ الأمر أن منع الأسد مواطني الغاب من التغوط أو التبول خارج الطواليت الواحدة التي بنيت للشعب برمته، بينما هو وحده يعيش في مقصورة لها حمام وطواليت خاصة به! أكثر من ذلك، لقد أمر بأن يعد له في المرحاض كلما أراد أن يدخل، أرنبا بريا ليتمسح به عوضا عن "الورق الصحي"! يمسح بالأرنب ثم يرمي به خارج المقصورة ليتلقفه ذووه يمسحون عنه العذرة!
لم يتمكن الشعب الحيواني المحقور أن يبقى دوما تحت حكم الأسد وزبل الأسد، فقرروا الانتفاضة ضده وضد أفراد..  وبقرات حكمه! قتل منهم الآلاف، لكن الحيوانات كانت أكثر من الموت، فانقلب المغلوب على الغالب، وتدخلت الحيوانات من غابات أخرى لفرض حل انتهى بمفاوضات ومرحلة انتقالية تقضي بأن يبقى "الأسد" في منصبه لفترة انتقالية، يرغم فيها أن يتمسح بقنفذ كلما دخل المرحاض..!
لم تطل مدة حكمه الانتقالية بعد ذلك، لأنه فضل أن يترك المنصب قبل أن تتهرى "مصاصيطه" من لسعاتت شوك القنافذ!
وأفيق والنمل في أعضائي كأنما جلست على قنفذ من فرط أخبار القنافذ! 

مارس 2016