Saturday, December 31, 2016

ريجيم 2016

ريجيم 2016


أول ما بدأت شراءه، وهذا قبل دخول 2016، اغتناما لفرصة "الرخاء" قبل الغلاء، 3 سراويل وحزاما " أمنيا" (لأنه يؤمنني من سقوط السراويل) بحجم خاصرة ابني ذي السنوات الخمسة! وهذا بعد أن تأكدت من أن الحزام، يمكن أن أضيف له أعينا بمثقاب إلى الحد الأقصى، ضمانا لأمن بقاء السروال في مكانه! كما قمت بشراء عتاد ومعدات وألبسة لي وللأبناء والبنات ولأمهم، كلفتني ميزانية عام! كل ما كنت قد ادخرته لشراء "فرياطة"، ذهب أدراج الرياح بين اللبس وتحزين مواد قابلة لاشتعال بفعل قانون المالية لهذه السنة الجديدة التي سيرغم فيها الناس على لبس البالي!
خلال السنوات الأخيرة، زاد حجمي ووزني بما يعادل الضعف، وهذا بفعل الراحة وقلة العمل والمشي! صرت لا أسير ولا أدور، لأني كلما خرجت، إلا ودخلت "مغصصا مرصصا" برصاص الغضب والأعصاب! متوترا إلى درجة الثوران! ذلك أنه أينما تحل وترحل، يقابلك مشكل ومشكلة غير قابلة للحل! حتى أنك لا تفكر إلا في الدخول مسرعا للبيت وإغلاق الأبواب والانزواء في البيت لا تكلم أحدا!
زاد وزني، لأني صرت من النوع إياه "راقدة وتمانجي"، بل أن السبب بعد الفحوصات الطبية، كان سببه خلل في الغدة الدرقية التي فجرت في كل أنواع الأمراض حسب الطيب: لاطاسيون، السكر الزيت! (وليت خير من ربراب!). لما سألت الطبيب عن سبب الخلل في الغدة هذه قال لي: الغدة تسببها الغصة! كل الشعب مريض بالغدة الدرقية التي هي "لاتيروييد"! تسعون في المائة مصابون بها وأغلبيتهم لا يدركون! لهذا تجدهم إما سمنوا وزادوا حجما وبقاء في البيت وكراهية لكل ما هو خارج البيت وعجزا عن السفر والخروج وثقلا في كل الأشياء، وإما تجدهم قد قلت شهيتهم ونحفوا بدون سبب موضوعي مع أنهم يأكل بشراهة. هذه الغدة تتسبب في خلل كلي للجهاز وتضطرب معها كل وظائف الجسم.
لقد شخص لي الطبيب واقع الحال، فقد كرهت وزني بعدما صرت أتجاوز القنطار، حتى صرت من تفعيلة البحر "العريض": مفاعلن، مفاعلان. مفاعلان مفاعل! قنبلة نووية موقوتة لا أنتظر إلا زر الحقيبة النووية الرئاسية!(طبعا، مش حقيبتنا!). هذا الوزن وما حواه من غصة وحنق وخفقان في القلب وما جره من ارتفاع في مستوى الشحوم والزيوت عندي والمسمى "كولي ـ سطيرول"، لأني لم أكن آكل إلا كل ما فيها "سطيرول"!. زاد على ذلك مستوى "تريجليسيد" السكر الثلاثي " القبيح، الواعر"، مع تسلق ضغط الدم إلى أعلى مرتبة له لتصبح "لاطاسيون "جنرال"!: لاطاسيون حتى في العيون! (في عهد بمدين الذي كان كولونيل، كان المرض "رائدا" أما في عهد الرائد، فصار المرض General!
كلفني هذا أضعافا مضاعفة من الضعف الجسدي والنفسي بسبب الاحتقان الداخلي الذي ولدته في هذه "الغدة" الدرقية درقها الله على عباده أجمعين! كما كلفتني تبعاتها تغيير أثوابي كلها والتصدق بها لمن هم أهل بحملها. غير أني، ما إن بدأت في تتبع نصائح الطبيب وإرشاداته، حتى بدأ الدواء والداء يعطيان ثمارهما، فصرت أقول لأهلي عند كل موعد "إفطار" على أودية من الأدوية: وداويني بالتي كانت هي الداء! فترى حقيبة الأدوية تخرج من تحت المائدة مزينة بكل أنواع الحبوب والعقاقير العربية والبربرية والفرنسية: سوائل وحبوب وحقن ومراهم ومساحيق بالكيلو، وجيلول وبيلول وسيرو!
يبدو أن الرجيم (الطبي) الذي اختاره لي الطبيب، كان سياسيا بامتياز: لا تأكل إلا المنتوج الوطني ولا شيء "مكنجل" ولا شيء مجمد أو يعرضه عليك أخوك محمد!! (أخي محمد يعرض علي كلما زارني، كل ما لذ ولم يطب، من سمن ومرطبات وشكلاطة وبطاطا!). قلت له: يا دكتور أنت تشجع في ربراب وإلا في حداد؟ ضحك وقال لي: أنا أشجعك أنت وبطنك! قلت له: لا تخش علي، فسنة 2016، سوف ترغمني وإياك على شد الحزام إلا الإبزيم! لن يبقى ثقب واحد خاوي! هذا هو "الرجيم" السياسي الذي سيفرض علينا الحمية رغم أنوفنا! سنرغم على التكشف والتعري بعد العز المكذوب والخطاب المجذوب بأن البلد صار يمشي إلى الأمام بالمقلوب!
هكذا، أنفقت ميزانية سنة في شراء بعض مستلزمات سنة 2016 التي نتوقع أن تجن أسعارها، رغم أني غير متأكد من أني "سألقاكم بعد عامي هذا"! ذلك أنه حسب تناقص ميزان "القوة" عندي، فإن حجمي قد انخفض بمعدل 10 في المائة في ظرف شهر، بما يعني أنه بعد 12 من الآن، سأكون مفقودا بالكامل! و"سيفقدني الجمع في الليلة البيضاء حين يفتقد البدر". وعليه، لا أتوقع أني سأبقى "على قيد الوفاة" بعد عام الضنك الذي أمرت بتجسيده وتطبيقه الحكومة "الوطنية" والبرلمان "الشعبي" على الشعب "الوثني"!
الطبيب طمأنني ، كثر الله خيره، بأن فقدان الوزن لا يكون بنفس الدرجة! إذ أنك إذا فقدت 10 كلغ في الشهر الأول، فإن هذا الانخفاض سينقص مع الأشهر الستة اللاحقة! قلت له: معنى هذا أنه بعد سنة، سيكون وزني بوزن الذبابة!..فلا تغيير إذن: من حجم "الدًبًابة" إلى حجم الذبابة، لا فرق! إما أنك تزن قنطارا وإما أنك لا تزن أصلا! فالقاعدة العلمية تقول: المتناهي في الكبر يساوي المتناهي في الصغر! قال لي: الرجيم مليح بلا ملح، نقص الملح والسكر والزيت والخبز وتعشى وتمشى وتغذى وتمد وأعط الثلث للأكل والثلث للماء والثلث للهواء وستستعيد صحتك إن شاء الله! قلت له: بعد ها العمر؟ أنا في عمر ذي القرنين وتقول لي هذا الكلام العام يا عم!: أنا لا أحب هذا "الريجيم" أصلا! لأنه هو الذي لا يحب أحدا، الريجيم لا يحب إلا نفسه! سآكل كل ما هب ودب وكل ما جد وجاد وطاب وذاب، لا يهمني إذا صلع الرأس أو شاب، أو وهن الجسم أو عاب، أو استغنى حداد أو ترفه ربراب! أنا آكل وأستهلك المنتوج الوطني لأطور البرجوازية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، لكي تتطور أكثر، لتتمكن من امتصاص ما بقي من الدم، لكي تبني الوطن وتدمي المواطن! نحن نقدم دمنا وأرواحا فداء للبلاد، كما قدم شهداؤنا الأبرار دماءهم ليعيش اليوم هؤلاء كما عاشت قبيلة ثمود وعاد في إرم ذات العماد!

وأفيق والمقرئ يقرأ:..وثمود الذين جابوا الصخر بالواد وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد...
جانفي 2016

0 Comments:

Post a Comment

<< Home