شعب ذي ثلاث شُعب
شعب ذي ثلاث شُعب
المائدة "الرمضانية" التي جمعت
باطرونة حداد ونقابة سلال، كانت فيما يبدو "أضيع من الأيتام في مأدبة
اللئام"! فقد "تفرق دم العمال بين القبائل" وخسر العامل فيه أقل
الواجبات وهو حق التقاعد قبل أن يشيب وحقه في ترك المهنة قبل أن يعيب! في زمن صار العمل اليدوي فيه منبوذا والباحث عنه مفقودا، حتى أنك تستطيع
أن تجد طبيبا في كل حي، ولا تجد "مانوفري".. حي! وإذا وجدته، "يتقلش"
عليك، وليس بأي ثمن!..هذا إذا لم يفسد لك العمل "بفاس" وتضطر أن تعيد
العمل من الأساس! هذا العامل وهذا العمل قد بات من الماضي مع باطورنة حكومة
النقابة ونقابة حكومة الباطرونة! هذا النظام الثلاثي الأبعاد، الذي يتعين عليه أن
يرسم طريق الشعب نحو ثلاث شُعب باتجاه 2030!: نحو تغول الباطرونة، تميع الحكومة ونهاية
حقبة محتومة! وبالتأكيد لن يكون فيها الشعب هو الرابح..الكبير!
الرابح الأكبر في ثلاثية رمضان، هم رجال
الأعمال! فلا الحكومة الملوية يدها بسبب الأوضاع المالية والاقتصادية من جراء
انهيار سقف ريع النفط، قادرة أن تناور لصالح شعب بدأت رائحة "الشياط"
تتسرب من جيوبه وقلبه كتسرب الباك بعده، ولا الشعب والعمال فازوا أو حتى حافظوا
على امتيازات ناقصة، بسبب غياب شبه كلي لما يسمى نقابة في هذا الاجتماع والذي كان
من الأجدر أن يسمى لقاء ثنائيا: الباطرونة وحكومتها! حكومة لم يكن لها من الحضور
سوى لتسهيل الأمور لهؤلاء الصقور على حساب صغار الطيور!
نمت لأجد نفسي على مائدة الإفطار ومعي
زوجتي التي أسميها "الحكومة" وابنتي مع أبنائها الأربعة والتي نسميها
"النقابة" (لأنها تترك بيتها وتأتي لتنقب عن الأكل عندنا في كل
الأوقات)،! وأنا هو "الباطرون" في الدار!
كنت أنا من دشن المائدة، حتى قبل أن أدعو
دعاء الإفطار: أنا نأكل وخلاص وبلا دعاء! بل الدخان هو الأولى: "حرقت
يهوديا" عندما قال المؤذن "الله أكبر" (في منطقتنا، يقول لك الرجل
إذا طلب منك سيجارة "أعطني حاليهودي نحرقوا")، وأرادت "النقابة"
أن تنقُب فقلت لها" حبًس! ما كانش "التنقيب" اليوم، انتهى زمن
التنقيب عما تحت الأرض، اللي نقًب، نقًب بكري! حط! أنا اللي "نسربي"
اليوم!. وهنا تدخلت "الحكومة" خجولة: "لا..لا بنتي خلًي بوك "يسربي"
اليوم هو اللى راه يحكم! يا حسراه بكري"! قلت لها: "بلعي فمك وكولي
واسكتي! أنا اللي راني نصرف وأنا اللي راني نخدم وندخل الدراهم، أنتم غير راقدة
وتمانجي". سكتت ابنتي ولم تأكل إلا قليلا مما يحصنون، أما أبناؤها البررة،
فواحد "غمًس" أصبعه وكرًر، وآخر حمل قطعة لحم مفوًر، وأخرى أخذت عظما
وبدأت تكدد بقايا لحم مصوًر .
أما أنا، فجهزت جيشي وعتادي، فقمت بمناورة
على الميمنة، بلوت فيها "بلو ـ توت"! قصفت بالثقيل كل ما لد وطاب، من
فخذ الخروف الذي ذاب، ثم قمت بالالتفاف على الملفوف على الميسرة واكتسحت ألغام
زوجتي على الجبهة الأمامية غير المؤمًنة. وما إن سكتت السكاكين عن القراع، وتوقفت
الكؤوس عن الطنين في الفراغ، حتى كنت أنهي الصراع، وألتهم نصف ساحة المعركة بلا
نزاع!: قمت بتمشيط الجيوب في عمق جبهة الأعداء. غنمت ثريدا وسمكا طازجا وكروفيت
روايال وعدت لأسحق ما تبقى من عظام أمام شهود عيان، أعياهم خذلان الخلان، بعد
نهاية بحبوحة زمان .
عندما أفقت، كنت أتلوى جوعا، فما بين العصر
والمغرب.. أسبوعا!
0 Comments:
Post a Comment
<< Home