Monday, July 04, 2016

تسريب أم "تهريب"؟



تسريب أم "تهريب"؟
 


التحقيقات المعمقة هي وحدها الكفيلة بمعرفة ماذا حدث في بكالوريا هذه السنة، إنما المعروف مسبقا هو أن البلد الذي يعشعش فيه الفساد، كل شيء فيه صار معروضا للبيع!
قاعدة "الأمير" لموسولوني "الغاية تبرر الوسيلة"، صارت مطبقة في كل مناحي الحياة في بلادنا تطبيقا لعقلية "الحق" بدون "واجب"! الحق الإلهي المطلق: "كلنا كيفكيف"! والتي جعلت منها اشتراكيتنا "المظفرة" ملاذا شعبويا آمنا! فذهنية "عندي الحق" التي هي عقلية ريعية غرسها فينا نظام النفط والكوطة و"النوموكلاتورا"، صارت تطغى على كل "واجب"، بل الحق صار مرادفا للواجب: الحق في "أن أكون مثل فلان وعلان" وذهنية:"علاش فلان عنده كذا من دار وكذا من دينار؟ وعلاه هو خير مني؟ كلنا أبناء 9 أشهر!" مسألة العمل والكسل لا تدخل في المعادلة: عندي حق..بدون أن أشتغل، لأني جزائري، وكلنا نتقاسم نفس الحق بالتساوي..عمل من عمل ورقد من رقد! يضاف إلى هذا أن البعض من استغنى بطرق ملتوية من خلال البرجوازية الإدارية سابقا ثم من خلال تموقع رجال السلطة والنفوذ داخل بيت سلطة المال المأخوذ! جعل الجزائريين كلهم يرون ظاهرة الشكارة على أنها شطارة، والاعتماد على العمل وحده..جياحة!..فتكديس الثروة في ظرف وجير، يدفع البقية نحو المطالبة بواجب"الحق" في الثروة! ولأنهم لا يملكون نفس الآليات من أجل الثراء (معاريف، دعائم، أكتاف)، فقد يتحولون إلى التزوير أو الأخذ والسرقة، أو فقط  عن طريق الاحتجاجات المطلبية، وقطع الطرق وحرق البناوات! أو الغش!.. الذي صار "قفازة" وبطولة! بدليل تباهي بعض الغشاشين على قنوات فضائية..علنا!
ينطبق هذا على "الحق" في الباكالوريا! كما على "الحق" في الليسانس، والماستر والدكتوراه أيضا!
فما حدث، لا أراه تسريبا، بقدر ما أراه "تهريبا"! أي سرقة لشهادة التي هي مفتاح الجامعة! فهي سرقة موصوفة لمقعد تربوي، ربما لن يحصل عليه من لم يسرق، أي من لم يغش! وبالتالي، صار الغش مرادفا للتزوير والسرقة! تزوير الشهادة أو الفلوس أو أي شيء يسمح بالحصول على شيء ما كان ليحصل عليه بدون هذا الشيء !
لهذا فالوزيرة ليست وحدها المعنية بالأمر، والمطالبة برحيها وحدها، تقليل من ضخامة حجم الكارثة التي نتعرض لها كلنا: أسرة وحكومة واقتصادا وثقافة وعلما! مسألة في غاية التعقيد لا يحلها لا إعادة البكالوريا (لأنه من يضمن لي عدم تكرار المشكل رغم النفقات العملاقة التي ستصرف من جديد على دورة ثانية: أكثر من 160 مدرسة مجهزة ومؤثثة؟ وفي عز التقشف؟؟) ولا دورة ثانية ولا إقالة وزيرة ولا استقالة رئيس وزراء!
نمت على وقع "الصدمة والترويع"، لأجد نفسي أعلن نتائج الباكالوريا والتحقيقات والإجراءات وهذا بعد شهر: نسبة النجاح هذه السنة تقدر بـ 55 في المائة: 45 في المائة حصلوا على معدلات تتجاوز 18 من عشرين رغم أن سجلهم التربوي لا يتجاوز 08 من عشرين! هؤلاء حكم عليهم بالحرمان من الباك نهائيا لأنهم "باين عليهم غشوا"! 10 في المائة تحصلوا على معدلات ما بين 10 و12، وهؤلاء نجحوا بتحفظ! أما 45 في المائة المتبقية فقد تحصلوا على أقل من 05 من عشرين، وهؤلاء "باين عليهم ماغشوش مساكين"، وبالتالي تقرر إنجاحهم بامتياز! والعشرة الذي أخذوا "صفر" في المعدل، سيتفيدون من منحة إلى دولة اللوزوطو، وسيتشرف باستقبال هؤلاء "المتفوقين" واحد من نفس المستوى المتفوق..نيابة عن رئيس الجمهورية..عمار سعيداني!
وأفيق وأنا أنتف ما تبقى من شعري.. الواقف!