Monday, July 04, 2016

السلَف بعد التلَف



السلَف بعد التلَف
تم التحفظ عليه  بتاريخ 3 جويلية 2016 لم ينشر ضمن عمود منامات بالشروق اليومي





كنا في السابق عادة ما ننظم "تليطون" لفائدة أعمال إنسانية وخيرية، كما حصل مع تليطون "ديار الرحمة" أو كما حصل مع تلطيون كسر الحصار على العراق! وكما حصل مع "صندوق التضامن" بعد الاستقلال، وكان الشعب والمؤسسات ورجال الأعمال ينخرطون في هذه "الشراكة الإنسانية" بدون مقابل، حتى ولو أن الكثير جعل من "التليطونات" هذه، مجرد "إشهار" وتبريحة في عرس متلفز! وعود لم تتحقق، وضاعت الأموال الموعوة لأرض الميعاد، ولم يف كثير من رجال الأعمال والبراحين على المباشر بوعودهم! كل هذا، وفي الأخير، لم تصل الأموال المحصلة من الشعب لفائدة العراق المحاصر للعراق.. وإلى اليوم! ووقعت فضيحة: أين ذهبت أموال تيليطون العراق! تماما كما وقعت قبل ذلك أموال "التضامن الاجتماعي" بعيد الاستقلال! نفس الشيء تقريبا سيحصل مع تليطون ديار الرحمة التي اكتفى فيها كثير من المتبرعين بالتبراح والنباح، لكن جيوبهم سكتت في الأخير عن الكلام المباح!
يعود إلينا هذه المرة التليطون من باب فندق رجال أعمال الحكومة، أي الرجال الذين لم يكونوا شيئا، وصاروا خلال 15 سنة، أشياء!! صارا هم عصب الدولة وعصبتها وحاموها..بعد ما كان كثير منهم في تعداد..حرامييها! (ليسوا سواء!)، وهبوا لنجدة سلطتهم التي جعلت منهم "أغنياء عن التعفف"، ورد الجميل، لكن ليس بالمجان! فالفوائد على الاكتتاب مغرية وقد قالها حداد قبل اليوم! فالمسألة ليست أيضا لوجه الله ولا لوجه الحكومة وإنما لوجه الدينار! وجمع مكتتبو الباطرونة ما يعادل تقريبا ـ إن صدقنا الأرقام، نحو 1.5 مليار دولار! وهذا قصد نجدة الحكومة الغارقة في الأزمة المالية المتأتية ليس من جراء هبوط سعر النفط، بقدر ما هو من جراء الشفط من أموال الخزينة التي نهبت خلال فترة 15 سنة، والتي يبدو أن جزء صغيرا منها فقط بدأ يعود في شكل استثمارات شكلية خدماتية "بارازيت" وليس في السكر والزيت! فيما يبقى الجزء الأعظم بالتأكيد مهربا خارج الحدود! حتى أن المواطن ليتساءل اليوم عن الضمانات التي تضمن أن هذه الأموال المناسبة سوف تذهب إلى المكان المناسب وليس كقروض لأصحاب المناصب! وهل ستعود لأصحابها؟ كيف وبأي سعر وثمن في ظل تهاوي قيمة الدينار ونمو التضخم! والدليل بدا يتضح: لا كريدي إلا لأصحاب الاكتتاب!
نمت على هذه "الهبة" الشعبية لإنقاذ الاقتصاد الوطني، لأجد نفسي أنا هو المكلف "بالطليبة"، أي التسول من الشعب، وقد قصدت المتسولين المحترفين لأنهم يعرفون كيف يحصدون الأموال من جيوب الناس! كما كلفت بجمع السندات من المتسولين أنفسهم على اعتبار أنه "أغنياء من غير تعفف"!  فأكثرهم مسكنة، يملك حماما ومتجرا، وأقل ما يحصًل في اليوم، هو أجرة طبيب مختص، معفاة من كل أشكال الضرائب التي تعادل حاليا نصف المرتب! وجدت نفسي أنا هو "طليبة" وأرأس "لجنة الطلابين الوطنين" وهذا بعد إحصاء لكل طالب قروش! وقمت بالحملة في تيليطون، جندنا له كل القنوات الوطنية الخاصة والعمومية في بث مباشر وعلى شبكات السكايب والفايبر وكل أشكال مواقع "الوصال الاجتماعي" بالتعاون المجاني مع متعاملي الهاتف المحمول المعتمدين! وراحت الخطوط تنقل أنواع ومفردات التسول: يالخاوة لله في سبيل الله، أنا هي الحكومة، راجلي طلقني وخلاني بلا نفقة وعندي البزاو قد هاااك! يالخاوة، ما قديتش، راني نطلب بالسيف علي، خونوني وسرقوني! يالمومنين يامحسنين، سلفونا وإلا عطونا، نردولها لكم إذا قدرنا في ديك الدار بعشرة في المائة!
وأفيق وأنا أردد نص الحديث: أتدرون من هو المفلس؟

0 Comments:

Post a Comment

<< Home