Saturday, December 31, 2016

مقلب على منقلب

مقلب على منقلب



انقلاب تركيا الفاشل، جعل تركيا أردوغان تندفع نحو الأمام بسرعة ألف ميل في الساعة بحثا عن طريق يسد كل محاولة انقلاب جديدة في بلد عمر العلمانية الديمقراطية العسكرية فيه لا يقل عن 70 سنة!
حملة تطهير سياسية أمنية عميقة مست بكل مفاصل الدولة بسبب ما سمى بتغلغل عناصر الكيان الموازي في جهاز الدولة بغرض ابتلاع النظام وتعويمه في تنظيم شبه أسطوري يقول عنها أخوة الانتماء إليها أنها "خيرية"، فيما تزعم "الأتا تركية الجديدة" أنها كيان موازي لا يختلف عن الحركة الماسونية في الأسلوب والعمل والأهداف!
انقلاب فاشل أفشل مخططا كان بالإمكان أن يبقي على الانقلابات إلى أمد طويل! كان السيسي  ومصر الانقلاب أول من يفرح! بل وفرحوا من خلال أعلامه المخزي خزي إعلام بشار، وكان كثيرون يودون لو نجح هذا الانقلاب وفي مقدمتهم إسرائيل وأمريكا التي لا يمكن بسهولة تصديق رسمييها ببراءتهم من التخطيط للانقلاب أو حتى معرفة مسبقة به في هذا البلد السائر نحو ديمقراطية على الطريقة الإسلامية العلمانية! انقلاب، لو نجح، لأعاد تركيا سنوات للخلف ولكانت إسرائيل قد أعلنت فوزها هي عوض المنقلبين! ولكانت إيران قد بقيت وحدها في المنطقة والتي يمكن بعدها  زعزعة استقراها بفعل حلفائها "المسلمين" الكثر هذه الأيام! خاصة بعد أن دجنت مصر بفعل انقلاب السيسي، وبفعل تموقع بعض دول الخليج،، إن لم يكن كلها في خندق محاربة عدو المنقلبين في مصر وهم الإخوان، حتى صار الأخوان أعداء والصهاينة أصدقاء!
الانقلابات هي سبب كل بلاء وخراب، وكان من المفروض لو كان الغرب ديمقراطيا حقا أن "يجرًم" الانقلابات وأن يتخذ مواقف ردعية ضد كل انقلاب عسكري واضح الأركان بتجريم جماعة الانقلاب ومتابعتهم في محاكم دولية وفرض عقوبات على الأنظمة الانقلابية تحت البند السابع، عوض أن يحكموا على الثورات الشعبية بالعداء والتستر على الظالم والتعامل معه باعتباره "أمرا واقعا"! لكن الغرب وديمقراطيته الصورية، تتعامى على المظالم وتتستر على الظالم إذا كان في صفها، وتقف ضد الشعوب إذا كانوا في خانة المعادين لها! هذا هو نفاق المجتمع الدولي!
في الجزائر، كان الرئيس بوتفليقة أسبق من أردوغان في عمله على تقويض جماعة الانقلابين المسمون "الجانفيين" نسبة إلى انقلاب جانفي 92، حيث أرغم الراحل الشاذلي على الاستقالة تحت ضغط نتائج الانتخابات البرلمانية التي لم تكن في صالحه ولا في صالح مجموعة الجنرالات الذين كان بوتفليفة في حملته الانتخابية الأولى  قد أسمعها إل من سمعوه: "لا تخيفكم هذه القطط .. هؤلاء ليسوا نمورا وإنما هم مجرد قطط!" وبالفعل، كان من أعماله أن صفى نظام الانقلابيين الذين كانوا يصنعون الرؤساء! غرفة العمليات السوداء التي لم يكن ليمر رئيس إلا عبرها ولها وبها ويعيد الأمانة لها إذا ما انتهى أجله أو ولايته! لكن بوتفليقة عجل بتصفية هذه غرفة العمليات هذه فردا فردا، بطرق شتى: عن طريق التقاعد المسبق أو الملزم أو بالامتيازات والإغراءات المادية، تحول على إثرها كثير منهم إلى الأعمال وتجارة "الكانتنير" مما فتح الباب أمام فساد مالي وتجاري واقتصادي رهيب، لكنه تخلص من شوكة في الحلق، كانت قد علقت له منذ حملته الأولى الانتخابية عندما أرغم على أن يبقى رهينة في أيدي من رشحوه بأن عملوا على التلاعب بالانتخابات في الثكنات لصالح المرشح الحر عبد العزيز بوتفليقة، ليبدو لنفسه أنه لولاهم لما فاز وليقولوا له: مش الشعب الذي انتخبك وإنما نجن من رشحناك وربًحناك وصنعناك ووضعناك! هذا الأمر كان قد دفع بالمرشحين الستة لاتخاذ قرار بالانسحاب جماعيا من السباق على اعتبار أن النتيجة كانت محسومة سلفا وأن بوتفليقة وراءه العسكر وسيفوز أحببنا أم كرهنا! وكان بوتفليقة سيفوز حتى بدون التلاعب هذا وانتصر بوتفليقة فعلا على نفسه وفار بسباق بقي فيه وحيدا! وهذا ما كانت تريده الجماعة! غير أن بوتفليفة كان أذكى وأدهى عندما أقبل بعد أشهر على استفتاء شعبي حول قانون الوئام المدني الذي كان شعار حملته الانتخابية وبرنامجه الانتخابي! وكانت النتيجة فاصلة كبرى: الشعب كله يصوت لصالح مشروع بوتفليقة، وكان ذلك ردا على جماعة الجانفيين أني قد أنتخبت شعبيا بدونكم وبلا مزيتكم! ولست أنتم من جاء بي لكرسي الرئاسة، بل الشعب! وهكذا، قام بوتفليقة بالالتفاف على الانقلاب بمقلب سريع، مدني متحضر، ديمقراطي! بعد أن رد الكلمة للشعب عندما كانت المجموعة تريد أن تستأسد بها لوحدها!
هذا التذكير هو فقط للتدليل على أوجه التقارب  ـ البعيد ـ بين تجربة بوتفليقة في إصلاح المنظومة السياسية وبداية تأسييس لحكم مدني، لن يكون "كامل الأصاف" بالتأكيد اليوم ولا غدا، لكنه بالتأكيد، لن يكون للجنرالات المنقلبون الأمس فيه دور محوري في صنع الرؤساء والعودة إلى دور فقدوه بشكل يبدو نهائيا إذا ما سارت الأمور على ما تسير عليه!
وجدت نفسي وأنا أتابع سير الأحداث في كل من تركيا والجزائر ومصر، أعيش حالة إنكار: أنا هو خالد نزار وقد أرقني قانون تكميم الأفواه للضباط المتقاعدين! طلبت أن أعود للخدمة العسكرية ولو برتبة كابران، فقط لكي أتكلم وأشرك فمي! لكنهم رفضوا! قلت لهم وأنا أنقلب على رأسي وأرجلي على طريقة "كمبعرايس" أتشقلب فوق حصيرة عليها سجاد لا أسجد عليه!: هذا انقلاب! يمنعوننا من الكلام؟ ونحن كنا كلنا لما نتكلم لا ينطق أحد غيرنا! أنا أمنع من الكلام؟ هذا انقلاب مدني على العسكر؟ لن أسكت، سأملأ هذا البيت بالهدرة! مات فينا من مات، وسجن من سجن، وبقي خارج القفص مغلق الفم من بقي! أنا لا أريد المال، ولا أريد أن أعوض جاهي وسلطتي بواسطة شركة أو زوج أو مزايا مادية؟ أنا باغي نرجع لبلاصتي في الدفاع أو في وحدة عسكرية! باغي نحكم! ماراناش في تركيا! هذه الدزاير يسموها، وأنا يسموني نرجع وزير الدفاع! باش ندافع بالمدفع عن المشعب المدفوع! واش به هذا الشعب ساكت! أحنا هما اللي جبنالكم الحرية والديمقراطية بالدبابات والكلاش! وين راه هذا الشعب نتاع الشكوبي؟ لو كان على بالي بللي الشعب داير كما هكذا كنت ..نكمله! كنا قادرين باش ندكوا جد يمات يماين هذا الشعب كله في رقان! الصحراء كبيرة وتأكل حتى 30 مليون! خسارة ما كناش قافزين! هاوين توصل سياسة عدم الحزم!
وأفيق وأنا أرد على المسكين:!..روح حوًس على شعب أخر يفهمك إذا بغيت تفهم!

 أوت 2016



0 Comments:

Post a Comment

<< Home