Saturday, December 31, 2016

زيارة "فالس"ـــو ..للجزائر!

زيارة "فالس"ـــو ..للجزائر!

...خمسة في عين أمك...
الزيارة التي قادت رئيس الحكومة الفرنسي "فالس" الشهر الماضي إلى الجزائر رفقة فريق من المستثمرين من مزدوجي الجنسية، خرجت كما دخلت فيما يبدو، لولا ما لحقها من صخب إعلامي بدأته جماعة حداد ـ بوشوارب والنقابة المتحالفة معهم، ردا على نشر فالس لصورة تذكارية مع  الرئيس على حسابه في تويتر، نقلتها فيما بعد الصحافة الفرنسية بدأ من "بتي جورنال" الممنوع دخولها لتهجم الجريدة على الجزائر قبيل الزيارة، وايضا لوموند وغيرها من المواقع فيما بعد، وهو ما اعتبر لدى "الملكيين أكثر من الملك" عندنا، إساءة "للسيادة و"الرموز والمؤسسات الوطنية"! ويقصد بها رئيس الدولة!. في كل هذا، لم نسمع ردا ولا تنديدا لرئاسة الجمهورية ولم نسمع لا الحكومة ترد ولا تدافع، فيما خلا بعض الأوجه الوزارية التي ركبت موجة"الدفاع عن الرئيس" وكأن الرئيس بحاجة إلى دفاعهم أصلا، مما يبدو أن المسألة فيها قليل من الصدق وكثير من النفاق والتظاهر بحب الرئيس والبلاد.
هذه الزيارة التي لم تثمر سوى مشروعا للمايونيز بعدما عطل سلال مشروع بيجو بسبب الاتفاقية المخزية التي كانت ستجعل من كوندور الجزائرية مجرد ممول لا حق له لا في التسيير ولا الرقابة ! هذه الزيارة "التفقدية" التي أراد منه خلال فالس أن يعيد لفرنسا الجزائر مجانا كما كان الرئيس الفرنسي الهالك فرانسوا متيران قد وعد الأقدام السود بأنه سوف يعيد لهم الجزائر بدون دفع فلس واحد على حد تعبيره! كان هذا في نهاية الثمانينات، واليوم يعاود فالس الكرة لعله يحضى برد الجزائر إلى الجيب الفرنسي كلية لتخرج سوداء من غير بياض! (مع العلم أنها اليوم جزئيا في جيب فرنسا!).
وجدت نفسي بعد هذه الزيارة وما صاحبها من قول وعمل، أدخل إلى ديوان رئيس الحكومة الفرنسي لأجده رفقة مستشاريه وبعض وزرائه وهم مجتمعون لتقييم الزيارة  الأخيرة إلى الجزائر: سمعت ورأيت من خلف الستار فالس يقول لوزرائه: أعطينا لهم عظما يكددونه! أتركوهم يلهثون وراء من سرب لنا صورة الرئيس وهو على هذا الوضع، مع العلم أنهم هم من وضعوه وأجلسوه على الكرسي دقيقة قبل دخولي عليه. ما يهمنا ليست الصورة، لأن الصورة لست أنا من أخذها وإنما أرسلت إلي من طرف الديوان كما ترسل الصور التذكارية لباقي من يتم استقبالهم من طرف الرئيس . فقد صار نادرا ما يستقبل أحدا، وإذا استقبل أحدا، فهذا يوم تاريخي لهم ولمن يتم استقباله، كما حصل معي. فهناك ترتيبات كبيرة لكي يظهر الرئيس تلفزيونا لبعض الثواني أو صورا له، لهذا صارت صوره لها قيمة عظيمة تباع بثمن! وأنا لما أرسلت إلي صورته، فهذا يعني أنه شرف كبير لي أن حظيت باستقبال الرئيس وأكثر من ذلك أخذت لي صورة تذكارية معه وكأني كنت أمام تحفة نادرة في متحف للنوادر!
فهمت أن الرجل يجيب على سبب نشره للصورة التي قد تعكر صفو العلاقات الفرنسية الجزائرية بالنسبة لهم، هم الذين كانوا يعولون على وضع الجزائر المالي وعلى وضح الرئيس الصحي، لكي يستعيدوا الجزائر بدون دفع سنتيم واحد!
أحدهم، لا أعرف يمات يماه، سمعته يقول: كل المستثمرين المزدوجي الجنسية الذي أخذناهم معنا، هم في الأصل فرنسيين ويعملون لمصالح فرنسا وقد أزحنا من القائمة بعضا ممن شممنا فيهم رائحة البلاد، أي الأصول الجزائرية! لأننا نريد من مستثمرينا أن يكونوا فرنسيين أولا والمصالح الفرنسية هي الأولى وفوق كل اعتبار! مشروع بيجو، يجب أن يتم ونعمل على أن يكون في نفس المكان الذي وقع فيها الجنرال بيجو الاتفاقية مع عبد القادر في تافنة! لنربط تاريخا بين بيجو 1836، وبيجو 2016!
مستشار آخر، راح يقول: رجال الأعمال الجزائريين المتعاملين معنا، قبلوا بشروطنا وكنا على أهبة توقيع الاتفاقية لولا بعض الوشاة الذين أخبروا الرئيس والذي أرسل سلال للتأكد من نص الاتفاقية، فوجد أن بنودها لا تتفق مع المصالح الجزائرية كما قيل، فأراد أن يلغي التوقيع، ثم تم الاتفاق على التأجيل عوض الإلغاء إلى حين مراجعة الاتفاقية. لكن هذه الاتفاقية ستترجم إلى واقع كما نريده، لا كما يردونهم هم! هم في أزمة مالية وضائقة سياسية وصحة الرئيس على المحك وصحة سياسيتنا الخارجية على وشك أن تحقق أهدافها في هذا البلد. بلدنا التاريخي الذي لا نقبل أن يذهب إلى أية جهة أخرى كانت: أمريكية، صينية، تركية أو روسية! نحن أولى بهذا البلد، بلد الحركة وقدماء المحاربين واللفيف وجنودنا المغاوير ومعمرينا الميامين!
هنا لم أتمالك، وقررت أن أخرج من "مغاوري" وعن صمتي والاستماع إليهم من وراء حجاب! كنت قد لبست طاقية الإخفاء التي استعملها من حين لآحر لأقوم بزيارات رسمية سرية  ومهمات من هذا النوع، وقررت أن أخرج عليهم كما فعل سيد

نا يوسف مع نسوة المدينة: لم يرني أحد، لكن سمع الجميع بعد لحظات صوت "البونية" يشرشف! لكمة تتكلم في وجه هذا وأخرى في أنف ذاك! أضرب هذا، فيرد هذا على هذا معتقدا أن هذا قد ضربه بهذا أو هذا يكون قد ضرب هذا بيد هذا! لا أحد كان يرى من أين تأتي اللكمة حتى "تسبط" على أنفه فينقلب على جنبه الأيسر صارخا أو يطير الدم من أنفه وهو يعوي كالجرو الجريح.
كنت قبل ذلك قد أطفأت الكاميرات وقطعت التيار لكي أشبع فيهم ضربا وقرصا وعظا وركلا و"روسية"!
كانوا يتصارخون ويسأل أحدهم الآخر قبل أن تأتيه البونية على شمائله والركلة على أيمانه! البعض يسب الآخر ويلعن له جد أمه لأبيه، والآخر يخرج كلاما من أنفه لا يخرج حتى من المراحيض العمومية الوطنية !
تركتهم يتخبطون في الظلام بعدما صورت الواقعة، وخرجت متخفيا دائما لأخذ أول طائرة إلى البلد، ليستقبلني الرئيس وأخرج بصورة تذكارية معه في أبهى صورة له منذ أن انتخب: كان يبتسم ابتسامة عريضة ، يشع منها نور غريب رمز العزة والكرامة! لكن لا أحد أخرج شيئا عندهم عن الواقعة! فقد سكتوا، بل وتحدثوا عن اجتماع لمجلس الوزراء الناجح في تقييم العلاقات الإستراتجية بين فرنسا والجزائر التي تحسير على أحسن ما يرام! لكني أنا والرئيس كنا نبتسم ونضحك لأننا نعرف ماذا حدث يوم أمس!
وأفيق وقد نلت من الركل والضرب ما أشبعني بسبب عراك زوجتي مع نفسها وكوابيسها  و"تهتريفها" الذي لا ينتهي!
ماي 2016