Saturday, December 31, 2016

العودة "بخفي" مخلوفي!

العودة "بخفي" مخلوفي!



الرياضة ليست أحسن حالا من السياسة عندنا وفي بقية الدول العربية أيضا! والدليل هو حصاد الهشيم في أولمبياد "ريو دي جانيرو"، في البرازيل الشهر المنصرم! حظ الجزائر، وإن كان ليس أتعس حال من حال كثير من الدول العربية، إلا أنه، قياسا بما "حضرناه" ومما حذرنا منه! وقياسا بـ 31 مليار التي صرفت "إسرافا وبدارا" على رياضيين لم يعودوا سوى "بخفي مخلوفي"، يمثل التعاسة بعينيها وأذنيها! السبب يعود من دون شك إلى التسيب وعدم مراعاة المصلحة العامة وسمعة البلد والمشاركين وتفضيل المصالح الذاتية الخاصة والاستفادة من الامتيازات والتمييز بين الرياضيين واعتبار كثير منهم مجرد كمبارس تحت عنوان "المشاركة من أجل المكارشة"! واعتبار أولمبياد ريو، مجرد تمرين رياضي تحضيرا لمنافسات داخلية محلية! عوض أن يكون العكس! واعتبار المشاركة، امتيازا سياحيا ومنة تمن بها خزينة الدولة على تآكلها، من أجل "أكلها" بالبارد وتوزيع ما تبقى منها على المشاركين ساخنة، بادعاءات قد تكون صادقة وقد تكون كاذبة من فئة: لولانا لما شاركتكم! ولولا أن من الله علينا بأن مننا عليكم بهذه الفرصة الثمينة لما كان لكم الحظ أن تلتقطوا صورا مع المشاهير وتزورون بلاد "بيلي" وكأس العالم!! كل هذا يمكن أن يكون قد قيل للمشاركين باعتبار بعضهم لا يستأهل أن يشارك، وباعتبار أن من يستأهل المشاركة، ولم تزود جيوبهم بما كانوا يحلمون به، بل وذهبت الأموال بلا ذهب ولا فضة ولا حتى برونز، ما خلا الفضيتين التين تكرمت بها "سيقان" مخلوفي..وحدهما دون دخل لأيادي المنظمين!
في المحصلة، فساد وتسيب في التسيير وإهدار للأموال في عز التقشف! وقد لاحظنا أن هذا الفساد المتطبع فيها عربيا، كان سائدا والدليل هي النتائج الكارثية للعالم العربي عموما!
نمت على خلفية هذه النتائج وما صاحبها من لغط واتهامات لأطراف لم تسم من طرف العدائين، خاصة مخلوفي، لأجد نفسي أحضر الأولمبياد بصفتي لا شيء! عداء اختِرت بدون علمي ولا عملي، وبدون أن أفوز في أي سباق تصفوي وطني أو قاري أو إقليمي أو حتى محلي! هكذا، جاءتني سفرية من عند ربي! فقط لأن العداء الذي كان من المفروض أن يشارك، وقعت له "موانع" موضوعية بسبب عدم تمكنه من استخراج جواز سفره البيومتري وكونه رفع صوته على بعض المسئولين! وطالبهم بالتدخل فرفضوا متحججين بأن الباسبور شخصي ويخصك أنت اللي "تجري" عليه! أو لست عداء؟؟ فحلف أحدهم في دوائر "الشوابين" والرياضة، براس الشيبانية أمه، "ما راه مبارتيسيبي"! واتصلوا بي لأن اسمي كان يشبه اسمه لكي أشارك في "بلاصته" زكارة فيه لأنه شرًك فمه وحب يفهم! قالوا لي مبررين هذا الاختيار: وأنت ألست عداء؟ قاع نعرفوا نجريوا! هذاك ما فينا غير الجري والهكيش! الجري، قاع الناس تعرف تجريه! ها أجري قداش ما قدرت والسلام! المهم المشاركة! قلت لهم: بصح أنا مش عداء، علاش ما ديتوهش هو اللي عداء؟ قالوا لي :هذاك من الأعداء مش من العدائين! ما خرجلهش الباسبور، بدا يفهم ويشرًك فمًه نتاع أمًه: أنا عندي  ونعرف وما نيش عارف! وحاسب روحه قادر يمشي من فوق رؤوسنا! قلنا له: والله ما رايك رايح! ولو كان رانا عارفين بلًي تجيبنا ذهبية! (وكان قادر يجبها ولد الحرام!). لم أفهم هذا المنطق، إنما من باب المصلحة والرغبة في التحواس، لأني عمري ما زرت ريو دي "جانيطو"، قلت: والله نروح نشوف الهند على ظهر الحكومة! (فهمت من بعد أن ريو دي جانيرو..(وليس ريو دي جانيطو)..هي عاصمة البرازيل وليست في الهند نتاع جانيطو! البرازيل نتاع "بيلي" و"لاكوب دي موند نتاع الفوت، نتاع البولا، نتاع كرة القدم!
أعطوني  وحد"المكتوب" وقالوا لي:  هاك "فري دي ميسيون"! ما يقدوكش للماكلة، ادي معك بركوكش والماقارون وحليب غبرة والفارينة باش تعجن روحك الخبز وتطيب! ودي معك "رزيستنس" باش تسخن الماء باش تدير القهوة ولاتاي.. أحنا نعطوك الماء! والسكر من عندك! ودي آديداس مليحة ما تكونش "تدْبرْ" باش تجري، ودي صباط باش تهركس! وزوج تبديلات نتاع الصيف ووحدة نتاع المشتة، بالاك يكون البرد في الليل! ودي باش تعوم ودي الدخان مالبرور، باش تبيعه تمة وتعاون به روحك! قاع راهم دايين والشمة إذا تشم !
الحمد لله سلفت الدراهم على يما وديت الدينار تهريب باش نصرفه هناك! (مليون سنتم شريت به كيلو فلفل ورطل طماطش! هذا ما جابلي!)
ويوم السباق، أروح تشوف! كنت أنا في الرواق الثالث وأمامي جامايكي وكيني وواحد أمريكي وخلفي أثيوبي وأمامي كيني وروسي! واسمع صوت المسدس! في الأول حسبت أن واحد "تيرا" علي باش نخرج "نتيري"! فارتميت على بطني! منبطحا ..خذ! مازلت عاقل على الخدمة الوطنية! لكن من بعد، لما رأيت الناس عاطيتها للجري وأنا منبطحا، حتى أنا درت الكوراج ونضت نلحق بهم! لما نهضت، هم كانوا يكادون ينهون نصف دورة الملعب! ماذا أفعل؟ عوض ما ألبس أديداس، نسيت ولبست الصباط! ولا واحد نبهني وقال لي واش راك ماشي تتسوق وإلا تعزي! خلاوني نجري بالصباط! وصباط جزائري! غير أنا جريت خمسين متر وهو التوى وطارت الفردة الأولى: على خاطر عندي رجل وحدة تلبس 42 والأخرى 38! رميت الفردة الزاوجة ورحت نلحق بهم بالحفا والناس تضحك وتصفق وتصفر! لما رأيت بأنه يستحيل أن ألحق بهم لأنه كان يبدو وأنا أجري.. أي أسير.. وكأنما كنت أعود للخلف! قلت في خاطري كما يقول الذيب: هذاك اللي تتلفته، أجريه!" ماذا يفعل أخوك عمار؟ يدير "دومي تور" ويروح يتلاقى بهم وهم قادمين ويكادون يلحقون بي! وما إن اقتربت منهم لملاقاة "الأعداء"، حتى استدرت مرة أخرى و"درت دومي تور" لأصبح أنا الأول في الترتيب! الذهبية لي، ما يقلعهاش لي حتى عمار بوزوار وإلا حتى قاضي فاس!
وأبدأ أجري وأهرول بالحفا والعرق تسيل والناس تضحك وتصفر! كانوا يجييو موراي كللي خاون حاجة وهارب! وما لبت أن لحق بي الجامايكي ولد لحرام! كان يجري كما لو كان يسوق فيراري! كل هذا وأنا أفر أمام "الأعدائين" لعلي أصل الأول ولم يكن يفصلنا عن نقطة الوصول سوى 300 متر! عندها رحت ألحق بالجامايكي: قارع آآمحمد، حبس نهدر معك آآبنادم! هاك نعطيك كيلو بركوكش نتاعنا وجرني موراك! ما تجريش بزاف..أستنى شوية مالك مقلق! في هذه اللحظة يمر علي الروسي ويتجاوزني، فأسارع لعرقلته فأسقط ويمر كما لو كان على متن 4X4! ورحت أسبه: الله ينعل الراسة نتاع جدودك الرواسة.. أعقل فيها أبن الكلب والله كي نوصل نقلع لك جدك لينين وخالك ستالين! تفوه!
وحين وصل الجمايكي إلى نقطة الوصول، كنت أنا لا أزال أبحث عن صباطي الذي راح في التهركيس فلم أجده إلا بشق الأنفس!
أروح تشوف للتالي: عندما رفع العلم الجمايكي ونشيد الدولة الفائزة بالذهبية، كنت أنا من يسبق للصعود إلى منصة المرتبة الأولى وأشرع في أداء النشيد الوطني: طلع البدر علينا من ثنيات الوداع" وأنا أرفع العلم التونسي الذي حسبته هو العلم الجزائري! هذا قبل أن ينزلونني بهدوء ويمنحوني ميدالية بلاستكية باش ما يباقش خاطري تضامنا مع مساهمتي في تنشيط الجمهور بالضحك في الملعب المترامي الأطراف!

عندما أفقت من هذا الحلم الكئيب، وجدت نفسي أعوم في بركة من المياه بعد فيضان في الحمام ليلا! قلت في نفسي: لو شاركت في السباحة مش أحسن!؟ 

سبتمبر 2016

0 Comments:

Post a Comment

<< Home