Saturday, December 12, 2015

النشرة تبدل البشرة




النشرة تبدل البشرة

 تابعت آخر نشرة وأنا وزير، في مكتبي، فقد كنت أنتظر الإعلان عن الحكومة الجديدة اليوم من خلال نشرة الثامنة، فهذا شأننا في البلدان العربية ذات الأصل الشمولي: الوزراء والولاة ورؤساء الدوائر، لا يعرفون أنفسهم أنهم "طاروا" أو "نزلوا"، تغيروا أو بقوا، إلا من خلال الصحافة. كنا في السابق نتهافت على أصدقائنا رؤساء التحرير نسألهم أن يخبرونا بأي قرار جديد عن التعيينات في سلك الولاة ورؤساء الدوائر، واليوم مازلنا نسمع أخبارنا في التلفزيون قبل أن يخبرنا بها أحد (ولا سبت!) !؟ هكذا، ما إن علمت عن طريق نشرة الثامنة بأني لم أعد وزيرا، حتى أسرعت إلى وثائقي أجمعها! بدأت بالشهادة الجامعية التي أخشى عليها أن يفتضح سرها بأنها ليست أصلية (حتى لا أقول "مزورة")، والتي جئت بها قبل يومين فقط لكي أسحب منها نسخا رقمية في مكتبي!. لن أترك أية شاردة ولا واردة في المكتب! ورحت أبحث عن أشيائي الخاصة في جوانب المكتب وعلى الرفوف وفي الأدراج!:
هذا حرز كتبه لي ساحر مغربي كبير بألف دولار للبقاء في المنصب أطول مدة! وفعلا حدث! يبدو أن السحار قد مات أو يكون السحر قد دخله ماء البحر! فلقد أصر السحار على أن لا يلمس هذا العمل ماء البحر! قد أكون لمسته يوما لما كنت آخذه معي إلى البحر في الصيف! تحديدا هذا الصيف! الفيلا التي بنيتها على البحر قبل 12 سنة، جعلت فيها مكتبا يضم بعضا من حاجاتي المهنية ، أنقل إليها الحرز أثناء عملي هناك ! هذا هو التفسير الوحيد، أو تكون زوجتي قد فتحته ، أو الماء المحلي الذي وصل في عهدة الوزير الأول الحالي قد يكون هو السبب! لكن لا أعتقد أن ماء البحر المحلي يزيل فاعلية السحر مادام أن الماء ليس مالحا! لكن، من يدري، فالرجل قال لي "ماء البحر" ولم يقل لي "الماء المالح". عموما، يبدو أن الحرز لم يعد له فائدة، انتهت صلاحياته!"تبيريما بالماء"!..وربما الجن المكلف بالسحر حتى هو مات أو عين في مهام آخرى، أو يكون قد "كره" مني، وراح لدى زبون آخر يدفع أكثر! السحار هو من أوعز له ذلك فيما أعتقد! مع ذلك، 20 سنة وزارة في خيرات ربي! تمكنت من خدمة مصالحي ومستقبلي، والآن حان الوقت للتغيير ولكي أتمكن أنا من تسيير مصالحي وتجارتي التي أوكلتها لأقارب بعيدين عن الشبهة، لكن الأقارب كالعقارب! يغدرون بك ويأكلون رزقك في وضح النهار!
السكرتيرة التي عينتها شخصيا، ودعتها "من هنا ومن هنا"..وتركت لها بعض الهدايا البسيطة التي أهديت لي عند كل تدخل قمت به، وطلبت منها أن نبقى على اتصال رغم أني سأقرض la puce، لعلني أعين في منصب آخر: سفير أو مستشار، وألحقها بالديوان!.
لم أترك أي شيء، والبقية طلبت من السكرتيرة أن تجمع ما نسيت منه، ذلك أن تسليم المفتاح سيكون يوم غد!
ودعت السائق، والبقية، لم أجد فيهم أحد أودعه، الكل تهرب من وجهي كأنني صرت مصابا بالجذام أو البرص! البارحة فقط كانوا يمسحون التراب من حذاءي بمناديلهم والآن، النشرة بدلت البشرة.. سبحان الله! إيه ..تفكرت: يخصني سجادة.. باسش نوللي نصلي من غدوة لعل لله يحدث بعد ذلك أمرا!
وأفيق من نومي وأنا وأنادي ابنتي التلميذة: خلاص بنتي، مشى! مشات المشاكل!

0 Comments:

Post a Comment

<< Home