Fausse alerte

Fausse
alèrte
شعرت بالاحتقان يأكلني يوم الذكرى الخمسين للاستقلال وبغبن
لا مثيل له. لم أر تلك الأعلام التي عرفتها الجزائر منذ سنة قبيل وبعد ثورة مصر
التي أعقبت ثورة الخضر في بلاد السودان وسطاد المقهورة...ولم أر ذلك الحماس الذي
أعاد ذاكرة جيل الثورة وجيل الاستقلال والجيل المخضرم إلى يوم 5 جويلية 1962.
اليوم..الذي لم يكن يشبه أي يوم. يوم الفرحة والأعلام.. والزغاريد والهيجان
الشعبي..تماما كهيجان شعب كرة القدم غداة الفوز على الفراعنة. واليوم بعد 50
سنة..وبعد سنة فقط من الأعلام في كل مكان...وشبابا لأول مرة منذ زمان، يتوشحون
الأخضر الأبيض والأحمر ويحملون الأعلام ألبسة ورايات..ويصبغون وجوههم بلون العلم
الوطني ويرسمونه على الجدران بمقاييس ضخمة..وبأصباغ هم من يشترونها...واليوم..في
ذكرى الاستقلال..لا أحد خرج. ولا أحد حمل العلم... لا علم يرفرف إلا ما علقته
المؤسسات الحكومية على مؤسساتها أو في الشوارع وهذا بأمر من السلطات المحلية
والعليا.
تزامن هذا مع شعوري بالظلم والقسوة لاستغلال الذي يعاني منه
الكثير منا في مجال العمل لدى الخواص والعوام أيضا..والتغول الذي صار عنوان
المؤسسات الإدارية وغير الإدارية. الاستغلال بكل معانيه..حتى الضغط والتحرش على
العاملات قصد توظيفهن أو قبول ملفاتهن أو طلباتهن..أو ترقيتهن...استغلال للمنصب
واستغلال للمكانة وللمال الذي جمع بطرق ملتوية وصار عنوان الأبهة والتبجح والعجرفة
في الطرد والتسخير ..
مع كل هذا، زادني غبنا على غبن.. ورحت أحمل العلم الوطني في
عيد الاستقلال الخمسين وأخرج للشارع وأشرع في الهتاف والناس ينظرون محملقين: يسقط
الاستقلال....يسقط الاستقلال...يسقط الاستقلال...
كنت أتوقع أن يتبعني الناس وينظمون إلى هذه المسيرة الفردية
غير المرخص بها..ولكني تعجبت من كون لا أحد انظم إلى المسيرة..العفوية..
كنت أردد نفس الشعار..وأفكر في العاطلين وفي المستغلين من
النساء والأطفال والشباب في أعمال رخيصة ورخيسة ومبتذلة..قبل أن يهجم علي جيش من
الجيش والشرطة وقوات التدخل "الصريع" والدرك والإطفاء والهلال الأحمر
والجمارك..والمروحية من فوق "تطوف" (الحمد لله لم تكن ترجم)..وسمعت
كلاما من عامة الناس: راجل...آرغاز. وسمعت كلاما آخر مشينا:
مهبول..سكران..مزطول...يخصه يبرة...فيما كنت أرفع يدي إلى الأعلى وأتابع الهتاف:
يسقط الاستقلال... يسقط الاستقلال...قبل أن يكمموني ويلووا أيدي على الخلف ويكبلونني
ويرمونني داخل سيارة مصفحة..بعد عدة ركلات وصفحات ولكمات أدمت شفتي.. وأنا أقول
لهم:يفقط الافتقلال...يفقط الافتقلال...يفقط الفتقلال.. وهذا بعد أن فقدت 3 أسنان
من طاقمي بلكمة شرطي أسمر.
في المخفر، سئلت عن سبب سب الاستقلال في ذكرى الاستقلال
..قلت لهم: من قال لكم أني أسب الاستقلال..أنتم لا تفهمون الكلام؟..ما تفهموش؟..
الحمد لله أن الشاف الكبير كان من منطقتي: منطقة لبيض سيدي
الشيخ... الذي جاء وسألني: أنت منين؟.. قلت له: من آفلو...قال لي: قول "راني
مغوفل"...قلت له: راني مقوفل (ولم أشعر إلا وركلة في الفم من طرف أحدهم وهو
يقول: تزيد عاد تشرك فمك وتقول راني "مقفل"..).فنهره الشاف وهو يقول:
أطلقوه...الراجل يحب يقول "يسقط الاستغلال"...مش الاستقلال...ما
تفهموش؟.. ينطقوا الغين ..قاف...هيا دوختونا على باطل..هيا. indépendance
fausse pour fausse alèrte.
5/07/2012
0 Comments:
Post a Comment
<< Home