Saturday, July 14, 2018

حقنا للاحتقان


حقنا للاحتقان



يبدو أن الحكومات القادمة ستعاني أكثر ما عانت منه الحكومات السابقة! السبب هو أن مفعول المسكنات والمهدئات ذات المفعول المرحلي، قد أوشك مفعولها على الانتهاء، إن لم يكن قد انتهى! ومعلوم أن التداعيات الجانبية للمورفين والتخدير "العام" والموضعي، مهم في التدخل الجراحي والاستئصال، لكن الحالة عندنا لم تصل إلى حد استئصال المرض من جذوره (وليسألوا الأطباء المضربين، المضروبين!). فقد أبقينا على الورم ولم نستأصله، رغم محاولات إيجاد حلول ظرفية أغلبها كان غير ناجع! لأن تشخيص المرض كان خاطئا أو على الأقل غير دقيق..ولا "سميد!" المشكل سياسي هيكلي وليس مجرد سوء تسيير أو فساد! الأزمة سياسية، بحاجة إلى قرارات شجاعة: فتح المجال السياسي والديمقراطية، وحق التظاهر وحق النقابات المستقلة في العمل بدون ضغوط، الحق في تشكيل أحزاب لا تعيين حزيبات!، حق الترشح الحر..وو..! نختصر كل هذا في ضرورة عودة الثقة في السلطة والشعب! الشعب اليوم لم يعد يملك ثقة في أن البلاد ستخرج من الأزمة، وأن البلاد كلها ـ عن خطأ أو عن سوء تقدير بأنها سقطت بين "أيادي غير آمنة"، من مضاربين سياسيين ورجال مال وأعمال ونفوذ! لهذا كانت الحرقة وكان التفكير العام في الحصول على الفيزا.. واللجوء والهربة..!إنه المناخ العام غير الصحي الذي يشعر به المواطن، في كل مكان أيا كان عمله وسنه وجنسه! هذا هو أخطر ما في الأمر، حين يفقد المواطن الثقة في وطنه في توفير سكن له، وملاذ آمن وعمل وراحة وسياحة داخلية وأنفة، ودينار قوي، وكلمة مسموعة، ولا يضطر ّلحرق البناوات" أو الانتحار أو أن "يحرق في بوطي"، أو يضرب بالهراوات، أو يمنع إداريا. فقد رأينا فيها في المدة الأخيرة، كيف أن محتلف الوزارات لجأت إلى "قمع" الاحتجاجات والإضرابات إداريا، بالزج عن طريق  تفعيل العدالة في القضية! هذا الأمر لا يستثب! لأن الضغط سيولد الانفجار! ونحن على أبواب الانفجارات في كل قطاع، قد نصل إلى مرحلة قادمة يكون معها المواطن في حل من "الصمت" بعد أن جرب كل الوسائل والحلول بدء من السكوت الطوعي، وانتهاء بالضرب وفسخ عقود العمل وزبر حتى ذلك الراتب الذي لم يتغير من 10 سنوات فيما زادت السلع بأكثر من 3 أضعاف! سيعرف المواطن أنه أجره قد أُضعف بثلاثة أضعاف، فعاد إلى المربع الأول قبل الزيادة مرتين! كما سيزيد من الاحتقان، وقد بدأ فعلا، ما يشعر المواطن به وما يلحظه من تفاوت طبقي بدأ يتشكل بشكل متوحش، ومدى العنجهية في سوء استعمال القانون واستغلاله من طرف العاملين عليه وفي كل القطاعات في "دولة القانون"! كل هذا، سواء أكان المواطن صادقا أو غير دقيق ولا "عجين" في الحكم، إنما هذا هو واقع المناخ النفسي الاجتماعي العام السائد للأسف.
نقول هذا، كعلماء اجتماع، حرصا منا على الاستقرار الذي ننشده جميعا، وحرضا منا على أن لا تعود العجلة إلى الخلف مرة ثانية، لكن ليس بالتخويف من "العشرية السوداء" أو التحرش "بغار النمل"! فالشعب كله، لا يزال يعيش على كدمات نفسية ورضوض، لن تندمل بسهولة. الترهيب ألعن من الإرهاب، والتخويف يزيد من الاحتقان! لكن أيضا، علينا ألا ننشر ثقافة التيئيس! فالبلاد قادرة بكل مقدراتها التنموية والطبيعية والمالية ورجالها، قادرة أن تحقق المستحيل، لكن فقط، إذا وجدت حكماء، وأطباء، يعيدون الأمل في ظل دولة القانون لا في ظل "قانون الدولة".
12 جويلية 2018


0 Comments:

Post a Comment

<< Home