Saturday, July 14, 2018

الترك أحسن


الترك أحسن

الزيارة التي قام بها أردوغان للجزائر ومنها إلى ثلاث دول إفريقية أخرى(موريتانيا، مالي والسنغال)، سيكون لها بالتأكيد انعكاس ايجابي على جهود التمنية في الجزائر والقارة السمراء، التي تعمل كل دول شمال إفريقيا على الانفتاح تجاهها، خاصة الجزائر، المغرب ومصر. تركياـ اختارت البوابة الغربية الجنوبية، للولوج لقلب إفريقيا، التي يكون الرئيس التركي قد زار 32 دولة بها.
تركيا تبحث عن مصالحا بالتأكيد، والجزائر، تبحث هي الأخرى عن مصالحها، لكن أين تلتقي المصالح وأين تفترق؟
المصالح الاقتصادية والتجارية والثقافية، بين البلدين تتجاوز الخلافات الهامشية في بعض المواقف خاصة موقف الجزائر من التدخل التركي في سوريا،  وموقفها من "الربيع العربي" المنبوذ عندنا، كون الجزائر حريصة على عدم التدخل في شؤون وسيادة الدول والأنظمة القائمة مهما كانت طبيعة هذه الأنظمة. لكن لتركيا مصالحها وحدودها تعنيها هي نفسها كما تعنينا نجن مصالحنا أمور أمننا الداخلي وعلى الحدود. لهذا فالعلاقات الاقتصادية والمصالح بين البلدين أقوى من أية اختلافات وجهات نظر من ملف لآخر.
علاقتنا مع تركيا، سيكون لها وقع مهم ونتائج عاجلة لطبيعة التفاهمات والخلفيات السياسية المطابقة وخاصة عامل الثقة. تركيا بلد ينمو اقتصادها بسرعة كبيرة، والجزائر بحاجة إلى النموذج التركي في التنمية: الحداثة مع الأصالة. كما أن مصنعاتها قد تغنينا عن منتجات مستوردة من أوروبا بأوصاف أوربية، هذا بدون ذكر تجارب رأسمال المشترك وفق القاعدة 49/51، التي لم تبد تركيا تحفظا عليها كما تفعل الشركات الأجنبية الأوربية وخاصة الفرنسية منها! فرنسا ليست مرتاحة بطبيعة الحال لهذا التحرك التنافسي في الجزائر وفي القارة الإفريقية.
نمت على وقائع الزيارة، لأجد نفسي أعود للتاريخ القديم أيام استنجاد الجزائر بتركيا ضد الحملة الصليبية! قلت لوزير التجارة: لابد أن يعود البحر الأبيض المتوسط لنا! الإسبان والأمريكان والفرنجة، يقوضون تجارتنا البحرية ويتهموننا بالقرصنة. كل من يدافع عن مصالح بلاده، صار قرصانا أو أو راعيا للإرهاب! علينا أولا أن نحمي حدودنا من الهجمات الصليبية، ثم علينا أن نمنع مغامرينا من الحرقة باتجاه الأندلس! طارق بن زيادة، حرق السفن وخلاص! بركات من "الحرقة" و"الحقرة" أيضا! فلولا هذه الأخيرة ما كنت الأولى! خير الدين كان ينوي أن يطلب المزيد من الدعم من الأستانة، لكن لم أوافقه في هذا الأمر! علينا أن نبقى على استقلاليتنا قائمة، لا نريد أن نهرب من النار للرمضاء! نتعاون مع الخلاقة العثمانية لكن ضمن استقلال القرار السيادي للجزائر مزغنة! ثم لا ننسى أن فرنسا هي من أطاحت بالداي حسين واحتلت الجزائر فيما بعد بدعوى أنها جاءت فقط لتؤدب الداي على ضربة المروحة!
بدأنا حملة تجنيد واسعة في صفوفنا من تجار وعمال ومستثمرين وطنيين وكراغلة وأتراك وحتى إسبان وفرنسيين ممن يودون أن يقبلوا بالقوانين الجزائرية واحترام سيادتها ومصالحها.
طورنا البحرية الوطنية لتصبح قوة في المنطقة. كما اعتمدنا على تقوية جيشنا وقواتنا الأمنية لحماية الحدود الجنوبية والجبهة الداخلية. قضينا على الفتن الداخلية التي حاول البعض تأجيجها أو تسبب في إشعالها مؤسسات وكيانات غير مسؤولة وغير كفئة. قضينا على بؤر التوتر وشغلنا مئات الآلاف من العمال وقضينا على فكرة الهجرة. بقي شيء واحد لم نتمكن إلى حد الآن من التغلب عليه ونحن في 1516، هو مشكل فريق الخضر، والدينار الذين لا يزالان يهويان مقابل الدورو الاسباني والفرنك الفرنسي..... والريال..مدريد!
مارس 2018