Saturday, December 31, 2016

جمعة خارج الجامع

جمعة خارج الجامع


استجابة لطلب توحيد خطبة الجمعة في كامل مساجد الوطن التي طالبت بها الوزارة الوصية  مؤخرا "مؤسساتها" المسجدية وأئمتها الموظفين، للتنديد بالإرهاب والعنف والدفاع عن الأمن والأمان ومؤسسات الدولة الأمنية، وبعيدا عن حشر خطب الجمعة في "السياسة"، وعملا بحق عدم تسييس المساجد وتحييدها عن الممارسات السياسية، قررت ألا أحشر نفسي في خطاب سياسي رسمي له ما له وعليه ما عليه، جمعت شلة من الشباب البطالين العاطلين عن كل شغل إلا شغل الهدرة والزطلة "والتكيف" مع الوضع القائم! جمعتهم في ساحة صغيرة بالقرب من مستودع خرب، وصعدت فوق "بتية" مازوت مكرفسة الجوانب، استعملتها كمنبر! وما إن صعدت فوقها حتى بدأ "الشطيح والرديح": التمايل شمالا وجنوبا، يمينا وشمالا، وهم يضحكون ويصفقون ويصفرون على إمامهم الذي راح يرقص على تصفيقات وإيقاعات من خلال الضرب وبقرع كل ما كان حولهم: زجاجات جعة، عبوات كوكا فارغة، أحجار، قطع معدنية، قنينات ليموناد فارغة..قبل أن أبسمل وأحمدل وأحوقل وأنا ألف عمامتي التي سقطت من على رأسي عندما هممت الصعود فوق "المنبر" لأقول "الله اكبر"!
كنت أعلم أنهم لا يصلون ولا يعرفون شيئا عن الدين، وكل ما يمكن أن يتقنونه هو حفظ أغاني الراي عن بكرة أبيها وأمها وترديد كلمات أغاني بالإنجليزية لا يفهمون معانيها أصلا! إنما يحفظونها عن ظهر "كلب"، حتى أني استمعت لهم وهم يستمعون إلى أغنية تمجد إسرائيل لمغني أمريكي يهودي لا أعرف أسمه، وعندما سألتهم: أتعرفون ماذا يقول هذا الرجل في آذانكم؟ لا أحد قال نعم، الكل قال: لا نفهم ما يقول! لما قلت لهم إن هذا الرجل الذي كان صوته يشبه صوت المرأة، يشتم العرب والمسلمين لأنه يهودي إسرائيلي أمريكي، نزعوا السماعات التي كانت في آذانهم وراحوا يستمعون إلى وأنا أترجم لهم كلمات الأغنية وهم فاتحين أفواههم وينظرون إلى بعضهم البعض. كنت أردد لهم ما يقول بالإنجليزية التي أتقنها ثم أترجمها لهم بالعربية الفصحى والدارجة ثم بالفرنسية! فتحوا أفواههم وآذانهم وأعينهم ولم يغلقوها حتى نهاية الخطبة! لقد تمكنت من شد انتباههم بهذه الطريقة. بعد ذلك، نزعت العمامة ولبست كاصكيطا ورحت أخطب فيهم، وهم ليس فيهم أحد على وضوء، بل كثير منهم كان مخمورا أو مزطولا، إنما كلهم صاروا يسمعون لي وأنا أخطب فيهم بلغة يفهمونها: مزيجا من الكلام الدارج والفصيح والأحاديث النبوية الشريفة والآيات والأغاني الإنجليزية والفرنسية والراي التي تخدم الموضوع أو لا تخدمه، السلبي منه والإيجابي لكي أضرب لهم الأمثلة بما يفهمونه. عشر دقائق مرت قبل أن أصرخ فيهم: والآن، يا خلا دار جدكم، البلاد في خطر، والدولة والنظام في خطر، النظام بحر على جد والديه، والسلطة لبحر على يمات يماها، والحكومة تدز معاهم، بصح البلاد، الدولة، الوطن، الجزائر، يا محاينكم راها مهددة بالتخريب من طرف عملاء إسرائيل والغرب وأمريكا. إنهم يريدون تخريب هذا الوطن بأيدينا وأيدي الذي كفروا. هذا الإرهاب، هو من صنيعنا نحن، ومن صنيع الغرب واليهود، لولا نحن وممارساتها غير السلمية للحكم، والفقر والفساد، وقلة العدالة والإيمان وقلة الخوف من الله، لما كان اليهود والنصارى يتحالفون ضدنا في كل الأمصار العربية والإسلامية ليسقطوننا الواحد تلو الآخر. نحن من سمح للإرهاب بأن ينمو وللتطرف بأن يولد، والغرب لم يفعل شيئا سوى أنه غذى واستعمل الإرهاب باسم الدين، والدين منه براء، لكي يحطم الدين ويحطم البلدان الإسلامية. انظروا إلى المخدرات، من أين أتت أصلا ومن يصنعها ومن يسوقها لنا ولكم جميعا. أبناؤنا في خطر وبناتها في وضعية أخطر! هل ترضون لأخواتكم وأمهاتكم  أن يكون مصيرهن مصير بنات فرنسا وبنات أمريكا المتبرجات المفضوحات اللباس والأخلاق! (صرخوا كلهم: جامي دولافي! ميزيريا وتحيا الجزائر!).
ثم توقفت لحظة لأنظر إليهم، فبقوا صامتين ينظرون المزيد قبل ا ينطق بعضهم: زيد آالشيخ زيد .. ربي يستيكيك.. ربي يسوفغارديك..!
عندها نطقت: تجارة الجنس تأتي في المرتبة الثانية بعد السلاح في العالم والمخدرات في المرتبة الثالثة. راهم يديروا الدراهم على ظهوركم يا جماعة: الأنترنت تقنية علم، حولناها إلى تقنية فساد وإفساد بسببنا نحن الذين لا نعرف ماذا يريد بنا ولنا الغرب، يريد أن يركعنا ليكون هو الأعلى ويمحو كلمة الدين والإسلام واللغة ويرفع درجة الباطل ويكفر المتدين ويحوله إلى إرهابي! كل هؤلاء الإرهابيين المساكين هم من خريجي هذه المدرسة، مدرسة الكيف والكاشيات والزطلة والهيروين والكوكاين والكيف والإكستا وما نيش عارف جد الراسة نتاع والديهم واش راهم يدرحوا لنا ويرهجوا فينا! كل هؤلاء الانتحاريين يضربوا الإكستا ويعطوهم حبوب مخدرة للعقل والقلب حتى يتحولوا إلى هوايش بدون قلوب وبدون عقول ليقتل الأخ أخاه والابن أمه وأباه، طمعا في جنة مكذوبة عليها وعليهم: المنتحر لا يدخل الجنة أبدا! اتقوا الله! ومستعمل المخدرات، إن مات بها، لا يدخل الجنة لأنه مات بدون عقل! لنخاف الله جميعا! لا أحد فينا على هدى من الله، أنا لست بخيركم ولا أتقاكم، "ما أنا إلا بشر.. عندي قلب ونظر وأنت كلك خطر

.. ما تبقاشي تحقق في لا تقلي لي حتى كلمة..آه أننا أنا...ضد الحكمة وراضي بالقسمة وما كتابش الحب علي" (ورحت أردد على مسامهم كلمة المطرب المغربي عبد الوهاب الدكالي! الذين استمتعوا بأدائي لأغنيته بصوتي الجهوري..فنسوا أنهم في  "سواديزان" جامع..مجتمعين، وراحوا يغنون معي ويهتفون قبل أن أعود بهم إلى جادة الصواب.
أيها الإخوة، اتقوا الله وتطهروا من الدنس والفجور والفسوق وضعوا ثقتكم في الله وفي أنفسكم وفي بلدكم، وقوموا توضئوا وصولوا، فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
ويقوم كلهم بدون استثناء يتهافتون على بيوت الوضوء في المسجد القريب الذي كان إمامه لا يزال يخطب والناس نيام.

وأفيق أنا الآخر وأنا نائم أيضا في خطبة جمعة توحيد الخطاب ضد الإرهاب!
أبريل 2016