Saturday, July 14, 2018

زيتنا في بيتنا


زيتنا في بيتنا

ليس ولد عباس وحده من صار من المسئولين، ومن الشعبيين أيضا يفضل صلاة البيت على صلاة المسجد، وأيضا صلاة التراويح! ولولا لطف الله، لخلت المساجد من العباد والمصلين بفعل إقبال الناس على السهل، السريع من العبادات، تأثرا بثقافة الفاست فود! الكل صار يحسب الوقت الفعلي ولا يحسب الوقت الضائع منه في لا شيء! نستكثر على العبادات الوقت، ونستقلله على مشاغل الدنيا. ليس هذا وحده من حوّل المساجد إلى بيوت خالية في صلاة الفجر ومليئة في الأعياد والتراويح وبعض أوقات المساء، المغرب خاصة! فالكل صار يعرف مقولة "الإمام تي جي في" والامام "الباطو"! المطول في الصلاة والسريع فيها! صار كثير منا يحب السرعة حتى في الصلاة، ولو وجد لصلى الإمام بهم بأصغر سورة أو آية، حتى أننا نلاحظ كيف صار الناس يتسابقون الناس الخروج من المسجد بمجرد تسليم الإمام! لهذا، فليس من البدع أن تذكّر وزارة الشؤون الدينية والأوقاف ببعض المسلمات في الممارسات الدينية وخاصة الصلاة في المساجد! الكل قرأ كلام الوزير عيسى على أنه محاولة لسحب "الزربية" والهيدورة من تحت أرجل التيار السلفي المسمى "مدخلي" من فرض طرق أخرى في توابع الصلاة وجزئياتها: التسليم الواحد، والباقيات الصالحات ودعاء القنوت في صلاة الصبح، وبعض الأمور الأخرى المتعارف عليها في المذهب المالكي والتي لا يقوم بها التيار السلفي وأيضا بعض المذاهب الأخرى. كثير منا، صار ينفر من المساجد لكثرة الشقاق والصراع والخصام بيني المصلين لهذا السبب أو ذلك! يبدو أن توحيد الصلاة والشعائر في المسائل الفرعية من الصعب تحقيقها وفرضها، لأنها ليست من الأصول، ولو منعناها لمنعنا المذاهب الأخرى غير المالكية! وهذا لا يتفق مع حرية الاختيار وحتى مع ديمقراطية وتعددية المذهب والأحزاب! غير أن نفس المشكل يطرح في المسجد كما يطرح في السياسية: هل نحن نطبق التعددية السياسية الحزبية فعلا وعن قناعة؟ هل الحزب الواحد وقناعاته وممارساتها وسلوكه وتاريخه يسمح له بأن يتحول إلى حزب تعددي ديمقراطي فكرا وعملا؟ أم أنه فقط يتماشى مع الموجة، مرغم أخاك لا بطل!؟ هذا هو السؤال الفلسفي الأكثر إلحاحا اليوم والذي يناقشه كثير من فلاسفة المجتمع والسياسة: هل يمكن أن تُبني ديمقراطية تعددية بعقل أحادي شمولي؟ إذا أجبنا على هذا السؤال، يمكن ثمة الجواب على السؤال الثاني: هل نستطيع قبول التعددية المذهبية في مجتمع أحادي المذهب! وهنا، لا أريد أن أذهب أبعد وأطرح مسألة التعددية الدينية!
مسألة في غاية الإشكال! لهذا، فإذا لم يصل ولد عباس في المسجد، وصلى التراويح خلف التلفزيون كما قال، أو حتى حج أو عمّر وطاف حول الفريجيدير، فلعله يريد أن يخرج مذهبا جديدا يقضي بجواز، بل بوجود صلاة القياد أيام الجمعات و التراويح والأعياد حلف تلفزيون الأسياد، فيما الشعب يصلي في المساجد صلاة موحدة بتوجيه من قيادة الحزب العتيد..الحاكم بالعدة والعتاد! هذا في انتظار أن نفتي من أجل حج محلي (حج في بلادي)، دعما للخزينة العمومية ومنع انتشار عدوى المدخلية وحفاظا على المرجعية الجزائرية...التي تقول : زيتنا في بيتنا!
6 ماي 2018

0 Comments:

Post a Comment

<< Home