Saturday, December 12, 2015

اليوم نفط وغدا خمر!



اليوم نفط وغدا خمر!

في توصياتها للحكومة، توصلت الندوة الوطنية للتجارة الخارجية قبل شهر إلى توصية في غاية الأهمية لاقتصاد البلاد، كما يرى خبراء اللجنة، تتعلق بضرورة تشجيع إنتاج وتصدير الخمور في الجزائر، باعتبار ذلك "أحد الأوراق الرابحة" للخروج من دائرة الاعتماد على قطاع المحروقات!
هذا خبر، بالتأكيد، إذا لم يسل كثيرا من "اللعاب" لدى خماري وسكارى البلاد ورجال الأعمال وحتى بعض أعضاء الحكومة وعلى رأسها السي بن يونس، فإنها سيسيل كثيرا من الحبر وعصير العنب فيما بعد!
فعندما، توصي لجنة (لا نعرف من هم أعضاؤها وإن كانونا معروفين بمعاقرتها بالتأكيد)، بالمنكر، باعتبار الحكومة ستصبح ناهية عن المعروف آمرة بالمنكر، وأحد الملاعين الثلاثة: المستهلك والمنتج والمسوق، فسيكون من السهل التوصل إلى نتيجة مفادها أن اللجنة الحكومية التي اختارها بن يونس على مقاس ما يريد التوصل إليه، بغرض تقوية حجته على الورق أمام "خبراء" البرلمان الرافضين للفكرة من أساسها، تريد أن تدخل الجزائريين جميعا النار، بهذا الاختيار لتفادي المحروقات! معناه، ستعرق الشعب بنار الآخرة بعد أن تشتعل فيه نار الدنيا من خلال سياسية "أبي لهب" وامرأته حمالة الحطب!.
نمت على سياسة الشعوب المحروقة عند الله، لأجد نفسي أنا هو من عوض عمارة بن يونس، وصرت أنا هو "عمار بن نواس"، وقد جهزت القانون في الكانون حتى طاب واستطاب، وأدخلته في فرن البرلمان ثم فوته على أنوفهم ما بين الجلستين بمرسوم، وصار الخمر في البلد أكثر ما كان ينتج أيام فرنسا أيام الاحتلال، حتى كان الخمر أن يطغى على النفط! قلت لهم في اجتماع للحكومة حول طاولة كبيرة وقد صففت عليها كؤوس الخمرة ولعب الويسكي والروج والريكار والبيرة بعقول الأعضاء كلهم إلا قليلا منهم: اليوم خمر وغدا أمر! فلا صحو اليوم ولا سكر غدا! لن نحتاج إلى نووي ولا إلى الطاقة الشمسية ولا باقي الطاقات والنوافذ والأبواب المتجددة، عندنا الخمور سلمنا زراعتها لفرنسا والأمريكان! الصينيون والأفارقة والهنود هم العمال، أما رجال الأعمال فكلهم أمريكيون وفرنسيون؟ نحن مسلمون وننتج الخمور لتصديرها لكي نشتري الحليب ومشتقاتها والدواء ومستجداته، ولنستورد البضائع ونتبضع من الأسواق الخارجية لكي نحافظ على ثروة ما في باطن الأرض لأجيال ما فوق الأرض. فالنفط تحت الأرجل والخمر في الرؤوس، ولا حاجة لنا لرؤوس تفكر في التفكير فلا في مساعدة إلا من  الماريكان والروس لا  لما في الرؤوس! الخمرة ستتغلب على كل الطاقات المتجددة وسنكون أول دولة منتجة ومصدرة لهذه المادة الإستراتيجية في بناء الدولة الحديثة! قال لي عضو "مستسلم قليلا" في الوزارة: لكن الجزائريين كلهم صاروا يستهلكونها عوض الماء! المار صار أغلى من الجعة والمازوت والبنزين، وهكذا ننحن نشجع الحرام. قلت له: الحرام هي أن نبقى ننتظر ما يجود علينا أبو لهب، ولا نريد لأمرته أن تبقى دوما حمالة الحطب! الحطب لم يبق من يستعمله بعد أن أحرقت الغابات وأتلفت الأشجار، والغاز سينتهي قريبا والغاز الصخري صعب وغالي استخراجه إضافة إلى المشاكل الجيولوجية ومشاكلنا مع الشعب، أما الخمور فستلعب بالعقول، وسيفرح الناس بالسياسة الرشيدة "لخلفاء الجزائر الراشدين" وسيفضلون تجارة الخمر على تجارة النفط لما فيها استفادتهم المباشرة. فنحن الآن نصدر 40 في المائة من إنتاجنا الوطني والباقي كله يذهب إلى الاكتفاء الذاتي في السوق المحلية. هكذا، قضينا على تهريب النفط على الحدود، واليوم إنهم يهربون الخمور، وهذا ما يساعدنا على زيادة الإنتاج، لأن الزيادة في الطلب معناه ضرورة الزيادة في الإنتاج وهذا مربح جيدا تجاريا لصالحنا. سوف نضاعف حجم الإنتاج لتصبح الكروم الكريمة تجود علينا بكل أنواع الخمور لتصبح الجزائر هي "الأندرين"(مدينة في سورية "إنديريان" حاليا، تغنى بها الشاعر الجاهلي"عمرو بن كلثوم في مطلع معلقته" ألا هبي يصحنك فاصبحينا// ولا تبقي خمور الأندرينا")، التي تخلت عن الكليمانتين والماندراين. وهكذا سيقبل عليها الجزائريون ودول الجوار والعالم. حتى الخنادق التي حفرناها على الحدود مع المغرب الشقيق لمنع تهريب السلع والمازوت والبنزين والمحذرات والسلاح، سوف تصبح وديانا من خمر لذة للشاربين. هكذا سندخل الشعب الجزائري المسلم الجنة على هذه الأرض، وكذلك دول الجوار. سنكون نحن أول من فتح أبواب الجنة لشعوب المنطقة بعد أن كانوا يتهموننا بكوننا أننا كنا أول من فتح أبواب جهنم لهم!
دار النقاش كثيرا حول جدوى توسيع عملية زراعة الكروم إلى الصحراء واستبدال الأراضي المنتجة للقمح بالكروم كما كانت أيام فرنسا وأكثر. البعض قبل بالفكرة وطالب بتمديدها إلى غاية "آولف وتينزاواتين وتينتارابين وإين صالح وتمنغست وإين قزام وإيليزي، من أجل القضاء على التهريب والإرهاب! وطرحوا فكرة سلاح الخمر لمقارعة الإرهاب الإسلامي! وسمماها بعضهم في الاجتماع "بحرب الخمر" تيمنا بحرب العفيون في الصين. البعض رفض فكرة سياسة الاقتصاد الأحادي كما سماها أحد الاقتصاديين ، لأن ذلك سيعيدنا إلى " المبعر" (يقصد المربع) الأول وهو الاعتماد فقط على النفط أو على القطن كما فعلت بريطانيا في مصر أو على الكروم كما فعلت فرنسا في الجزائر، وأن نطور بالتوازي مع ذلك صناعة مصنعة لمختلف أنواع الخمر ولا نكتفي بتصديرها كمادة خام للخروج من التبعية، أي أنه علينا أن نطور صناعة الخمر أيضا وخاصة الأنواع الشعبية التي يجب أن تكون بأسعار مرضية وفي متناول الجميع تضمن لكل عائلة جزائرية مسلمة إمكانية اقتنائها بمنتهى السهولة. أي، علينا أن ننافس الماء على طاولات العائلات الجزائرية لتعوض الماء واللبن يوم الجمعة على قصعة الكسكسي! الخبراء أكدوا لنا أن هذا ممكن، وهذا سيمكننا من تغيير عقلية هذا الشعب المتخلفة، الذي لا يزال تؤمن بأن الخمر حرام. فمن يذوقه، سيعرف أنه حرام ألا تشرب الخمر ولا تبيعه ولا تنتجه. ثم أن الخمر في القرآن ليس محرم بل "يقال اجتبوه". هنا تدخلت لكي أروي لهم نكتة: إمام قال للمصلين حوله. لو أتينا بإناء خمر وآخر مملوء بالماء، فيا ترى، ماذا سيشرب الحمار؟ رد عليه الجميع: الماء! فقال لهم: لماذا شرب الحمار الماء وليس الخمر؟ فردوا عليه جميعا: لأنه حمار!
وأفيق وقد شربت لترا من للبن الحامض، مدوخا كمن كان حاضرا مع عمارة بن يونس في اجتماعه الحكومي الافتراضي! 
أبريل 2015

0 Comments:

Post a Comment

<< Home