Saturday, December 12, 2015

يا حا..على السياحة!




يا حا.... على السياحة!

لماذا يذهب منا الآلاف، وقد يكونون بالملايين، إلى الخارج؟ إلى تونس والمغرب، وإلى فرنسا وتركيا وإسبانيا؟ قطعا، الجواب معروف: السياحة، التجارة، أو الدراسة! لنبقى فقط في السياحة! أكثر الناس يذهبون سائحين، أي يذهبون حاملين معهم نقودهم بالعملة الصعبة، التي لا يمكن لغبي منا أن يقول أنها لا تتعدى ذلك المبلغ المسموح للمواطن أن "يحوله إلى العملة الصعبة" مرة واحدة في السنة إن سافر! والتي هي 15 ألف دينار أي في حدود 130 أورو! فماذا تفعل 130 أورو في فرنسا مثلا؟ هو ثمن طاكسي من أورلي إلى باريس 13. الكل يعرف أن الجزائري على الأقل يأخذ معه ألف أورو يشتريها من السوق الموازية التي هي اليوم في حدود 160 في المائة! أي 16 مليون سنتيم للفرد الواحد، يذهب بها إلى البلد الجار تونس أو المغرب ليصرفها هناك في أسبوع! لماذا لا يصرفها هنا، وبتكلفة أقل إذا ما أخذنا بعين الاعتبار سعر تذكرة الطائرة والإقامة! كل فرد يصرف نحو 20 مليون في سفرة واحدة لأسبوع أو عشرة أيام! لماذا هذه المجازفة وهذا التهريب والهروب؟ السبب نعرفه جميعا! لا سياحة عندنا؟ أين؟ كيف؟..هذا رغم أن بلدنا يزخر طبيعيا بأماكن السياحة.. لكن..أين هي ثقافة  السياحة؟
نمت وأنا أفكر في هذا الموضوع، لأني أنا واحد مما يفضلون أن يمضي أسبوعا في المغرب أو تونس أو أي بلد آخر، على أن أمضي شهرا في بلدي بنفس المبلغ!، لأجد نفسي أغامر لأقضي أسبوعا في منطقة سياحية في أقاصي الجنوب!
أولا، كان علي أن أجد مقعدا في طائرة بسعر معقول! فإذا بأسعار الطائرة أعلى من سعر الجزائر بوخاريست! تفضل أن تسافر إلى " تاقشند" على أن تسافر إلى تمنغرست! وجدت يوما مناسبا، فرحلت أنا وزوجتي! (لم أتمكن من أخذ أطفالي الثلاثة لأنها كانت "تنقام لي حجة وعمرة بلا أجر ولا ثواب!..وهذا فقط في سعر التذاكر!). بدأت المشاكل في المطار! الطائرة تأخرت بساعتين لأن "البيلوت" عنده موت! لما جاءت الطائرة بعد "روطار" كئيب، كان علينا أن نمر بكل الحواجز النيميريك، الإلكترونيك، والتفتيش اليدوي عند أكثر من حاجز، مرورا بتقنية لا نعرفها إلا نحن في الجزائر" روكونيسانس ديباغاج"! ثم التفتيش عند سلم الطائرة! ساعة من الانتظار وقوفا قبل فتح بوابة الطائرة وبداية الصعود ..للطائرة! أما الصعود إلى السماء..فما زاااال! ما إن أخذنا الكراسي، حتى قيل لنا أنه علينا الانتظار قليلا، ولم يفهمونا سبب هذا التأخر الثاني! لكن يبدو أن أحد المحركات رفض أن يدور، ولكنهم تنكنوا من إدارته بطريقة "إدارية"، أي بعد تدخل من مدير الشركة  الذي فرض الإقلاع بمحرك واحد لأن الطائرة كانت ستقلع نحو إيطاليا، وهناك سيتم إصلاح المحرك الثاني، لأن المشكل فيما يبدو بسيط والطائرة تستطيع أن تطير بمحرك واحد! "رانا موالفين! ما عليهش.. ماكانش مشكل"! قبطان الطائرة، لم يرغب أن يقلع لكنه أمام ضغط الإدارة، خرج وقال لنا بهذه العبارة الفصيحة "شكون اللي يبغي يريسكي معيا! راه عندنا غير موتور واحد يخدم! بصح ما كانش مشكل!". المشكل هو أن كل الركاب صرخوا " قااااع... قاااع نريسكيوا!". وراحوا يصفقون ويزغردون ويغنون "معاك يالخضرا".. وكأننا ذاهبون توا للبرازيل!.هؤلاء الجزائريون ..وحادهم!!!
أقلعت بنا الطائرة ووصلنا بسلامة إلى تمنغست. من هناك كان علينا أن نأخذ طاكسي.. يعني "لاندروفير" نحو فندق كبير غير بعيد عن المطار، في انتظار أن نسافر إلى المناطق المجاورة وصولا إلى تنتارابين وتنزاواتين! لم نكن نعرف المنطقة جيدا، كنا نسمع بها ولكن لم نعرف عنها شيئا، خاصة في الأيام الأخيرة، حيث تحولت المنطقة إلى منطقة عسكرية بسبب تسرب عناصر إرهابية بهذه المعابر الحدودية. لم نصل إلى هذه المناطق، لأن الأمر كان محظورا وخطيرا، وبقينا في منطقة تمنغست! الفندق كان جميلا والمكان جميل، لكن الخدمات..! الغرف تغلق بمفاتيح من الخارج وبالزكروم من الداخل! الأغطية يلعب عليها القرللو، والرمال الأتربة تغطي الزربية الخضراء! الماء مقطوع! لا يأتي إلا ليلا.. والبارد فقط! العمال، يكادون يضربونك إن طلبت منهم شيئا! في المطعم، الخبز يابس والأكل حتى قطتي وترفض أكله (أما الكلب..فيدفله!).الأواني، هذا صحن "طاير" منه شقف، وهذا كأس مشقوق! شربت من كأس مشقوق فشقت شفتي العلوية وأدخلت المستشفى فورا من طرف زوجتي، أما العاملون فكانوا يتفرجون على الدم وهما يتضاحكون! مسئول المطعم، زعف وكاد أن يضرب زوجتي بسبب صراخها وقال لها: هذا الدم دروك شكون رايح ينشفه؟ أنت وإلا هو؟ .. وكأني أنا سبب جرح شفتي! في المستشفى، قالوا لي: ما كانش الدوا.. بصح تقدر تدري عليها القهوة غبرة...ما عليهش، درك تبرا أو تنوض لك شنافة ثالثة.. وتمة نديرولك باراصيون ونقلعوا لك زوج شنايف!
زوجتي بعد العودة، سقطت في الدروج بسبب انعدام الإنارة! لاسانسير بطبيعة الحال معطل منذ 7 أشهر! سقطت على فكها فتكسر لها سن وناب. لم نذهب إلى المستشفى لأننا كنا نعرف النتيجة مسبقا! يزيدوا يقلعوا لك الضروس عن طريق سوء التقدير. في الصباح وجدت في فمها 3 أسنان مقلوعة! وفم مثل غاراج سيارة بلا كهرباء! مرضت بعدها بمغص بسبب الأكل، فلم أخرج من الفندق لمدة 3 أيام! في اليوم الخامس، أي قبل يومين من العودة، ذهبت لأشتري بعض الذكريات المحلية الصنع، وجدت بعض الأشياء تباع لدى بعض السود المهاجرين، بأسعار معقولة، اشتريت 10 هدايا بسعر هدية واحدة! لكن المشكل أني سرقت من طرف هؤلاء الباعة، وأضعت ألف مرة ضعف ما دفعت! الحمد لله أنهم لم يسرقوا تذاكر الطائرة التي كانت في جيبي الداخلي، وإلا لكنت بقيت هناك مع زوجتي أو هاجرت إلى المالي أو النيجر لنعود إلى الجزائر رهينتين محررتين أو جثتي "مواطنين جزائريين عظيمين عاشا ويلات الخطف والمعاملة السيئة من طرف العصابة الإرهابية الخاطفة"
وأفيق من غفوة ظهيرة، وأنا أقول لأبني: اسمع..أسمع...دير لي "أصورانص توريسك"...مش "توريست"!
جوان 2014

0 Comments:

Post a Comment

<< Home