Saturday, December 12, 2015

je suis(contre)Charlie




Je suis (Contre)Charlie
عندما نستهل سنة ميلادية جديدة بالاحتفال عن طريق الرصاص وبصواريخ الأربيجي على مقر أسبوعية ساخرة، فلعمري هي السخرية بعينها! ساعتها نقول "شفتوا الزعاقة وين توصل ؟"! أو لعل البعض يقول "أحنا ما نعرفوش نزعقوا..أحنا ما معاناش اللعب!".
لا أريد أن أبرئ أي قتل أو هجوم بالسلاح والرصاص على أي كان، فضلا على مدنيين وكتاب وأدباء وصحفيين وفنانين ورسامين، كما لا أريد أن أبرئ أي صحفي أو رسام، بدعوة السخرية، يسيء إلى مقدسات المسلمين ونبيهم بكل أصناف الخسة والنذالة (وصور شالي إيبدو موجودة على النت لمن أراد أن يطلع على مضامينها البغيضة!).
الغرب العلماني الملحد في معظمه، والمؤمن منه من لا يرى عيبا في السخرية بالأديان والرسل والأنباء والازدراء بهم، قد زالت الغيرة من قلوبهم على أنبيائهم ومقدساتهم كما زالت الغيرة من قلوبهم حتى على أزواجهم. هؤلاء كلهم، صاروا يقفون في صف واحد ضد الإيمان والعقيدة الصافية ويفعلون ما يستطيعون "لتهويد" كل الناس بأن يحولوا الرجال إلى أشباه نساء والنساء إلى أشباه رجال! لا الزوج زوجا ولا الزوجة زوجة! ولا الأسرة أسرة ولا الأطفال أطفالا! أناس تجمعهم الحاجة البيولوجية وتفرقهم الحاجة السوسيولوجية! لا أخوة ولا أخوات ولا صداقة دائمة فوق المصلحة! أناس تجردوا من الأخلاق والقيم وصاروا يسخرون ويتلذذون بالسخرية والتهكم والتقزيم والجلد الأخلاقي والقذف المباشر غير السوي للأشياء والمقدسات التي لا يرضى المسلم والمؤمن الحقيقي بها! ذهبت الغيرة على الدين والأنبياء لدى المسيحيين. كما ذهبت الغيرة عن نسائهم وأزواجهم وصار الديوث عنوان "التحرر الطبيعي" وصارت الخيانة الزوجية حرية جسدية مكفولة في معتقد الجميع ذكورا وإناثا. وصار التعفن الأسرى والانحلال القرابي والعائلي والولادة خارج الزواج، انعتاقا وحرية من كوابح وجوامح النظام الأسري العائلي. هؤلاء، كيف يمكن لهم أن يفهموا مقدسات المسلمين وأنبيائهم كلهم؟ بمن فيهم المسيح عليه السلام، الذي لن نرضى أن يمس به أحد تجريحا ولا سخرية ولا تقزيما ولا تحقيرا! نحن أولى بالمسيح منهم..ونحن نغار على كل الأنباء مهما كانوا...لأنهم رسل الله وأنبياؤه!
هذه المسألة لا يريد الغرب أن يفهمها. هم يرون في الحرية، تقديسا ويرون في التقديس تقليصا وكبحا للحريات! تناقض منطقي صارخ!
المسلمون يعيشون الأمرين: مرارة العيش المفروض دوليا على الشعوب من خلال حكامها المحسوبين على النظام العالمي والأوصياء والوكلاء على شعوبهم باسم الرجل الأعظم! حاكم العالم! الشيطان الأكبر! باعتبار هؤلاء الوكلاء، شياطين من فئة دنيا. من جهة ثانية، وزيادة على هذا الوضع الذي يعيشه المسلم في العالم بأسره من بؤس اقتصادي واجتماعي وهيمنة الدولة والنظام على حرياته وعلى قدراته ورغبته في الانعتاق والحرية والتدين، هناك الاحتقار العلني والظلم الدولي والسكوت الرسمي المحلي ضد العدوان على المسلمين في العالم بأسره: في فلسطين بالأساس، في الشام، في العراق، في أفغانستان، في باكستان، في مصر، في كل بقاع العالم..! التحرش الأمريكي الغربي الصهيوني ضد إيران المسلمة، وتحالف بعض الدول "السنية" ضد إيران الشيعية وحزب الله! وكأن التحالف مع الشيطان سنة مؤكدة ومحاربة الإسلام الشيعي فرض عين!
كل هذا يدفع بالمسلم إلى اليأس من أي بريق أمل وتحرر وانعتاق بالطرق السلمية، فيلجأ إلى امتشاق العنف بكل رعونة أحيانا وحتى بدون عقل أو دراية! فالعاطفة هنا هي من تحرك الوجدان والضمير والعقل! فالإرهاب ليس سمة خاصة بالإسلام والمسلمين كما يريد العالم أن يبن ويؤسس له اليوم في مدونة الفكر العالمي! الشيوعية عرفت العنف البغيض والدكتاتوريات لا تزال تعيش إلى اليوم بيننا ونعرف فظاعة الجرائم التي ارتكبتها هذه العصابات قبل أن تصل إلى السلطة وبعد أن وصلت! الاقتتال الديني الطائفي في المسيحية في البروتستنت والكاثوليك..لا يزال التاريخ يشهد على فظاعتها! فالإرهاب ليس مسلما! وكل ما يسمى اليوم عمليات إرهابية عالمية، إنما هو فعل رد فعل..على كل الأفعال التي نكلت بالمسلمين وأحرار العالم في كل مكان! إنها ردة فعل يائسة على بؤس نظام حول البؤس إلى دين إنساني..لا إنساني!
نمت وأنا أحترق من الغصة التي أوصلتنا إلى الدخول إلى قاعات التحرير والتنكيل بمعدي الأسبوعية! أية لعنة قد أوصلتنا إلى امتشاق هذا الشكل من العنف المخيف؟ هل هو ضعف فينا أم هو تأصيل عندنا، عندما نقابل حرية السخرية من الأنبياء ـ الذين هم قدوتنا وتمثلنا الباطني والظاهري ونموذج تكويينا الروحي والنفسي والعقدي ـ بالقتل والعنف الجسدي؟
نمت لأجد نفسي داخل قاعة التحرير في أسبوعية "شارلي إيبدو" وقد اتصل بنا اليهودي "برنار ليفي" الذي يملك النسبة الكبرى من رأسمال الأسبوعية وهو الذي أعطاها هذا التوجه للتميز عن "الكانار" الساخرة، ليقول لنا أنه علينا أن نكثف من الصور المعادية للإسلام والمسلمين لكي ندفع الناس إلى كراهية هذا الدين، باعتبار أن المسلمين يتكاثرون في فرنسا وفي العالم وأن ذلك يمثل خطرا على اليهود وإسرائيل بالأساس!
قمنا فورا باجتماع طارئ ووزعنا المهام. رئيس "التحرر"، حررنا من كل القيود، وقال لنا: أرسموا ألعن ألأشياء عن محمد، أرسموه بكل الأشكال، لابد أن تنزعوا عنه كل قداسة وطهارة، لا بد من تعريته، لا يجب أن يبقى محمد رمزا! يجب على المسلمين أن يضربوا في القلب وفي الصميم. هي حرب سيكولوجية: عليك إذا أردت أن تجهز على عدوك، أن تقهره من الداخل باحتقاره والمساس بكرامته وإهانته إلى درجة اليأس والإحباط ليسهل عليك عندئذ الإجهاز عليه بدون سلاح!!
هذا ما قاله "برنار هنري ليفي" في الهاتف لرئيس "التحرر"، وهو لم يقم سوى بنقل الرسالة العاجلة إلينا كما وردت من المصدر!
قلت لهم: وحتى المسيح نرسمه بنفس الطريقة؟ قال لي الرئيس: بدرجة أقل..لأننا نريد ضرب المسلمين وليس المسيحيين..! قلت له: وموسى؟ قال لي: موسى خاطيه! خطينا من المشاكل! (فهمت أن المشكل مع ليفي وعصابات يهود فرنسا!)
قلت لهم: تبقاو على شر...لن أتعامل معكم من الآن.. فهمت القصد...
وخرجت ساخطا، رغم أني كنت علمانيا..
بعد أقل من ساعة...سمعت الخبر...!"مجزرة في شارلي إيبدو"
وأفيق من نومي على وقع الخبر في التلفزيون...! لم أعرف ماذا أقول ومن أجرم! ولا حول ولا قوة إلا بالله!
جانفي 2015

0 Comments:

Post a Comment

<< Home