Friday, April 28, 2006

سيرك عمار: بسوط : عمار يزلي

..فلما وردت "وردة"..

عندما تنتهي كل المناسبات التي يمكن أن تكون مبررا(كما يقال في المسرح:Le prétexte)،وبعد أن تنفد كل الطرق التي يمكن اعتماد توظيفها لتكريس وضع قائم على قدم واحدة (وليس على قدم وساق..)،وبعد أن تخفت كل الرموز التي بنيت عليها أسطورة الثورة، تلجأ البلدان الباحثة عن الشرعية إلى توظيف المناسبات الأكثر شعبية دون أن يعني ذلك أنها الأكثر وطنية!! وهو منهج لم يكن متبعا في السابق عندما كانت الدولة لا تزال في ريعان البحث عن رموزها المستوحاة من بطولات شعب بأكمله، حول عن مساره فيما بعد، ليصبح رمزا لزُمر..
وردة الجزائرية التي طالما تنوسيت منذ عهد بومدين،والتي تصارع المرض منذ فترة،وتسارع الزمن للغناء،يحتفل بعيد ميلادها بشكل يكاد يكون رسميا!..حدث لا يمكن أن نأسف له، فوردة هي وردة كل الجزائريين ..حتى الجزائريات!..لكن ما يمكن الحديث عنه هو البحث عن المناسبات للظهور بمظهر البلد الذي لا يزال قائما(وهو قاعد!)، والدولة التي لا تزال تملك رموزا محبوبة من طرف الشعب والسلطة في آن واحد.فكل الرموز المتخذة إلى حد الآن، رموز لا تربطها رابطة بالمشاعر الشعبية، بما في ذلك أقدس المناسبات:أول نوفمبر،5جويلية,19 مارس،20 أوت،11 ديسمبر،هذا بغض النظر عن شبه المناسبات الوطنية:19جوان،14مارس،16مارس(و8 مارس!)23جويلية،،،ومناسبات أخرى وطنية ذات طابع دولي (من يوم الأمومة (المهدرة)، إلى اليوم العالمي لمحو الأمية (المستفحلة)،مرورا باليوم العالمي للطفل (البائس) واليوم العالمي للصحافة (المنكوبة)،ويوم الشجرة (المقطوعة)ووووو..ومناسبات بالعشرات والمئات..كلها من اختصاصنا: نشارك فيها ..بلا مشاركة..ونباركها..بلا بركة شعبية: المهم.. المشاركة، على حد التعبير السائد!!
في هذا السياق، وضمن هذا الهوس،رحت أغيب عن الوعي (إن كان موجودا أصلا!)،لأنام على وقع الأحداث المأساوية التي تحدث كل يوم وليلة..هنا.. وهناك..في أي بلد في مسلم واحد على الأقل!..واحتفال الجزائر بعيد ميلاد وردة،لأجد نفسي أعيش وضعا غير طبيعي: فقد أعلن عن القائمة الرسمية للأعياد الوطنية والدينية في الجزائر:
1 جانفي:عيد رأس السنة الغريغورية المسيحية، عيد وطني مدفوع الأجرة (بلا أجر من عند الله!).10 جانفي، عيد رأس السنة البربرية،11 جانفي عيد الإستقالة التاريخية.28 فبراير، اليوم الوطني العالمي للنقص وسوء النية.8 مارس، عيد الطحين والرخس (السلعي)،يوم 14 مارس، عيد ميلاد ابني. 16 مارس عيد الغابات والجبال، 19 مارس، عيد النزول من الغابات والجبال.1 أبريل، يوم الكذب على ذقون الناس البسطاء!1 ماي، يوم أرباب العمل والباطرونة!198 ماي، عيد التسامح والتماسح.1 ماي، عيد طالبان (لأنه مع إصلاح الجامعة، لن يبقى هناك أكثر من طالبين في القسم الواحد: واحد يخسر في الربح، والآخر يربح الخسارة!!)،19 جوان، عيد الديمقراطية الجزائرية الشعبية،5 جويلية، عيد الحزن الوطني على خروج الإخوة الفرنسيين من بلادهم!!23 جويلية، عيد ميلادي الوطني،وعيد السي تونسي وشرطته،وعيد مبارك المبارك في ثورة "الصباط" الأحرار، وعيد فرنسا الجزائرية (وهي صيغة جديدة لعبارة "الجزائر الفرنسية"، لأنها تذكر بـ 23 جويلية 1827، تاريخ حادثة المروحة التي أخرجت الداي حسين وتسببت في مشكل الدا الحسين!).20 أوت، عيد الندم الوطني.1 نوفمبر، يوم البكاء والنحيب.11 ديسمبر، عيد الاعتذار والاستغفار على ما اقترفه المهاجرون بباريس.
طبعا، أدخلت أعياد أخرى دولية ذات طابع وطني:14 جولية الفرنسي، العيد الوطني الأمريكي،عيد الفصح، عيد (Noel)، عيد الحب (وكراهية المسلم ) "سان فالنتين"،وحذفت الأعياد الدينية الإسلامية، بدعوى أنها تكرس الأصولية، ولم يبق إلا على شهر رمضان، باعتباره ليس مناسبة، بل شهرا من العقوبة لكي يكره الناس هذا الدين ويدخلوا في دين العولمة زرافات ووحدانا، هذا بعد أن صار الصوم إجباريا على كل بالغ بأمر حكومي شديد اللهجة مع عدم الإفطار إلا ما بعد العشاء والصوم على الماء ةنشرة الأخبار!
حين أفقت،كانت وردة تغني:لو أن الأيام بتتكلم..كانت قالت عملنا إيه!

0 Comments:

Post a Comment

<< Home